إن الزي الذي يرتديه الإنسان يمثل رمزا كبيرا وثقافة عالية حيث أنه يعتبر تعبيرا عن الذات والمجتمع والميولات والأفكار وإن كان الأصل فيه ستر العورة وتقيه البرد والحر إلا أن الزي عبر دائما عن أوضاع الناس ومقاماتهم وثقافاتهم وحتى سلوكياتهم المختلفة. إننا نرى قديما اليونانيون قد عبدوا الجسد وجماله فأبرزوا أكثر مفاتنه والفرس قد عشقوا النور والنار والمعادن فعبروا عن ذلك في ألوان ثيابهم وأثقلوها بالحلي والمعادن وأجدادنا قد حملت أقمشتهم كل ألوان الفرح والتفاؤل والبهجة. أما في وقتنا الحالي فقد حمل إلينا التحرر ألبسة عارية عنوانها الشفافية ثم ملابس ساقطة عنوانها التقدمية فللزي دوما معنى وقصد وتعبير. ومما لا شك فيه أن الزي الشعبي يمثل عنوانا بارزا لكل أمة ودليلا واضحا على عاداتها وحضارتها وثقافتها المختلفة. فعلى سبيل المثال، لم يختلف الزي التقليدي القطري الرجالي والنسائي بين الماضي والحاضر كثيرا.
أولًا: الزي التقليدي القطري للرجال:-
الثوب القطري:
يلبس الرجل القطري الثوب الأبيض ذا الياقة وهو عبارة عن جلباب أبيض، مع بشت مطرز بالخيوط الذهبية على الأطراف، مع عقال يتدلى منه خيطان ينسدلان على الظهر وللحماية من برد الشتاء تلبس الدقلة على الثوب. ويعتبر الثوب القطري هو أشهر أنواع الزي لدى الرجل القطري، حيث يلبس الثوب عادة في الشارع عند الخروج لشراء حاجة ما أو قضاء مصلحة ما، عند زيارة الأقارب، أو عند الذهاب للعمل. وعادة ما يكون الثوب القطري مصنوع صيفا من الحرير الصناعي أو القطن، وشتاءا من الكشمير أو الصوف للتدفئة.
الغترة:
أما عن الغترة القطرية فتتنوع طرق ارتدائها بين الرجال فكبار السن والشباب الذي لا يتبع الموضة يميل للطريقة التقليدية حيث تنسدل الغترة على الكتفين وهناك من يتفنن في ابتكار طرق جديدة لارتداء الغترة فمحبو لفت الأنظار وعكس مظهر الثقة بالنفس يختارون " الكوبرا " وهي طريقة لارتداء الشماغ مع ترتيب أطرافه بحيث تنسدل بثبات على الجانبين لتبدو مثل أفعى الكوبرا وهي تستعد للانقضاض وآخرون يرتدونها بالطريقة " العنكبوتية " حيث تلم كل أطراف الغترة فوق الرأس وهناك طرق رسمية للف الغترة وأخرى نصف رسمية وهكذا.
العقال:
أما عن العقال القطري فيقال قديما أن العقال تاج العرب وهو مصنوع من خيوط صوفية ملتوية توضع على الرأس ويعتبر من متممات زي الرجل وظهر مسماه من عقل البعير والمعروف في قطر أن العقال يختلف عن دول الخليج بأنه عقال يتدلى
منه خيطان ينسدلان على الظهر.
الدقلة :
لقد أعتاد القطريون على لبس الدقلة في الأعياد والاحتفالات الوطنية ومراسم الأفراح أما الدقلة فهي معطف طويل وموضة قديمة تعود للستينات والتغييرات التي طرأت عليها بسيطة وتلبس في الأفراح والمناسبات الوطنية للرجال وعادة ما تكون من قماش القطن أو الصوف وأحيانا الجلد أو الفرو وتلبس من فوق الثوب.
البشت:
وفيما يتعلق بالبشت القطري فيعتبر البشت رمز الوقار ومن العادات والتقاليد التي تتميز بها دولة قطر حيث الملابس الخاصة في المناسبات والمحافل الرسمية مثل العرس والعيد وغيرهما. كما أن هذا البشت يعد من الأزياء التقليدية المعروفة في دولة قطر ودول الخليج. وفي الماضي كان الرجال يلبسونه معظم الأوقات أما في الوقت الحالي فيلبسونه للمناسبات والأعراس. ويرتدي الرجل القطري البشت المصنوع من صوف أسود أو بني فاتح ومطرزة حوافه بخيوط الذهب (الزري) وذلك في المناسبات الرسمية ولا يقتصر ارتداء البشت على الرجال فقط بل حتى الأطفال كانوا يرتدون البشت في الماضي ولكنه اليوم اصبح من ملابس الحكام والرؤساء والوجهاء وعلماء الدين وعلية القوم وهو يتكون من قطعتين رئيستين أفقيتين واحدة تبدأ من الكتف إلى نصف الرجل والثانية تبدأ من النصف إلى أسفل الرجلين والمنطقة التي تخاط فيها هاتان القطعتان يعبر عنها بالخبنة.
الخبنة هي كلمة عربية صحيحة وتعني كلمة خبن الثوب خبنا وخبانا ثنى جزءا منه وخاطه وإن هذه الخبنة لها أهميتها حيث يتم عن طريقها تقصير وتطويل البشت حسب قامة الرجل ولكن لها أهمية أخرى وهي أنها تخاط بطريقة بحيث لا تكون جوانب البشت أطول من الوسط وإن خياطة البشت من منطقة الخبنة هي التي تحافظ على أطواله وأبعاده وتكسب البشت الشكل الدائري الذي يناسب الجسم.
ثانيًا: الزي النسائي التقليدي القطري:-
البخنق:
أما البخنق القطري هو الزي الشائع في قطر قديما للفتيات الصغيرات ويتميز بلونه الأسود وتطريزه الفضي أو الذهبي وطوله من الخلف حيث تلبسه الفتيات مع دراعة مطرزة كما تلبس بعض الفتيات الصغيرات دراعات مطرزة وأثواب نشل في الأعراس والأعياد والمناسبات المختلفة.
ثوب النشل النسائي:
أما عن ثوب النشل القطري فهو الثوب المطرز الفضفاض الذي يلبس عادة في المناسبات ويكون من قماش الحرير أو الشيفون ومطرز من جميع نواحيه بخيوط ذهبية وأحسن ألوانه الأحمر والأخضر والأسود.
العباية:
أما عن العباية القطرية فتتميز المرأة القطرية بعباية الرفع الحريرية التي تلبس مع شيلة خفيفة مطرزة أو مشغولة بالخرز بأشكال دقيقة أما الدراعة فتكون من قماش منقوش أو سادة مطرزة عند الجيب والأكمام كما تلبس النسوة الكبيرات في السن عباية الرأس مع ثوب ودراعة.
الخاتمة والرأي الشخصي:-
إن ارتداء الزي التقليدي هو جزء لا يتجزأ من التراث والتراث واحد من المقومات اللازمة لتكوين الحضارة وهو ضروري لتطور الحضارة بل ويعتبر غيابه مظهر من مظاهر الذوبان والانصهار الحضاري بشكل عام. ولقد أخذ الزي التقليدي للرجال والنساء شكل الأداة التي تعرف من خلالها الأمم ورمز لتميزها وتفردها وهو خير شاهد على درجة وعيها وعلى تنوع الحضارات المتعاقبة عليها حيث يعتبر الزي الشعبي جزأ من التراث لارتباطه بالعادات والتقاليد والمؤثرات الاجتماعية والاقتصادية على مر الزمن لذا فهو يمثل صورة عن المجتمع والحياة في هذا البلد أو ذاك ويشكل مرجعا وطنيا لأهل البلد.
المراجع:-
1. أحمد عبد الرحيم، التراث الشعبي في دول الخليج العربية، 1995 م، الجامعة الأردنية.
2. مدونة نيشان، كيف تميز الثوب القطري عن باقي الأثواب، 2019م.