تعريف، أصل، ومراحل تطور اللغة العبرية
تعتبر اللغة العبرية من اللغات السامية وقد كانت اللغة العبرية قريبة من بعض اللهجات الأخرى التي تقوم بالنطق بها القبائل الأخرى وخاصة في سوريا ومن ضمن القبائل التي كانت تقوم على استخدام تلك اللغة أو لغات مقاربة لها هم الآراميين والفينيقيين. لقد تمت كتابة أغلب أسفار العهد القديم باللغة العبرية (العبرانية)، ولكن هناك بعض الأسفار تمت كتابتها بالآرامية، حيث كانت اللغة العبرية في ذلك الوقت لغة ليست ثقيلة الوزن حتي قام بعض العلماء بوضع العديد من التغيرات في تلك اللغة وكانوا العلماء من علماء مدينة طبرية، ولكن حدث الكثير من التغييرات خلال مرحلة سبي اليهود وجعلهم عبيد في الأرض حيث أن اللغة في ذلك الوقت قد فقدت رونقها ونقاها ، وبالتالي أصبحت لغة عامية وليست فصحي بسبب دخول اللغة الآرامية إليها، ولكن كان رجال الدين اليهودي يقومون باستخدام اللغة العبرية بشكل كامل ولكن في ظل وجود سيدنا عيسي كان اليهود يتحدثون الآرامية فقط.
تعريف اللغة العبرية:
وبالتالي تعتبر اللغة العبرية هي أحد اللغات السامية التي تتبع اللغات الكنعانية وبالتالي فهي يطلق عليها الكثير من الأسماء منها (اللسان اليهودي، لغة كنعان)، وقد كان يطلق عليها العبرانية في العهد القديم ، وتعتبر اللغة العبرانية قد نشأت في الكتاب المقدس كلغة بعيدة كل البعد عن اللغة الكنعانية التي كانت متواجدة في ذلك الوقت .
أصل اللغة العبرية:
نجد أن اللغة العبرية هي أحد اللغات السامية التي كانت تستخدم في أرض كنعان، فنجد أن اليهود والعبرانيين عندما دخلوا أرض كنعان قاموا باستخدامها ، وبالتالي لم تكن العبرية هي اللغة التي كان يستخدمها سيدنا إبراهيم في أرض كنعان حيث أنه كان يتحدث بالآرامية . وبالتالي نجد هناك كم كبير من الغموض حول أصل اللغة العبرية وتطوره، خاصة أن اليهود قاموا على تحريف الكثير من الأمور العلمية والتاريخية الخاصة باللغة العبرية وكيفية تطورها خاصة أن كثير من المستشرقين حاولوا أن يجعلوها لغة مستقلة ومتكاملة وقاموا بإنساب بعض اللغات الأخرى إليها مثل اليونانية.
لكن في النهاية نجد أن اللغة العبرية هي أحد اللغات الكنعانية والآرامية، وبالتالي قد قام اليهود على استقاء اللغة العبرية من خلال اللغات الأخرى التي كانت تتميز بالفصاحة في ذلك الوقت وتعتبر اللغة العبرية هي فرع واحد من الفروع المتنوعة للغات التي يستعملها بني إسرائيل واللغة العبرية ليست لغة العبريين جميعا، بل لغة فرع واحد من فروعهم وهو فرع بني إسرائيل وبالتالي جاءت اللغة العبرية من خلال خليط مشترك بين العديد من اللغات الآرامية والكنعانية.
مراحل تطور اللغة العبرية:
مرت اللغة العبرية بالكثير من المراحل وكل مرحلة من المراحل تأثرت بالعديد من الأحداث ولكن أكثر المؤثرات التي قامت بالتأثير في اللغة العبرية بشكل واضح هي الظروف السياسية والأحداث المتغيرة وجاء ذلك بسبب سبيهم وترحيلهم وطردهم والعلاقات المترابطة بينهم وبين الدول الأخرى والقبائل المحيطة التي أثرت بشكل كبير في لغتهم. وبالتالي فإن المراحل التي مرت بها اللغة العبرية مرت بها من خلال عصرين أو ثلاثة وذلك وفقاً لكل مؤرخ سياسي وسوف نقوم بالتعرف عليهم من خلال ما يلي:
المرحلة الأولي (العصر الأول):
يعتبر هذا العصر هو العصر الذي نشأت فيه اللغة العبرية والتي وصلت إلي القرن 4 قبل الميلاد وكانت اللغة العبرية طوال تلك الفترة تعتبر من اللغات المستخدمة بشكل أساسي من جانب الشعب اليهودي ( بني إسرائيل ) وقد تم إطلاق عليها لقب العبرية القديمة حيث تطورت اللغة بشكل كبير في تلك المرحلة ووصلت إلي قمتها وأصبحت منتشرة بشكل كبير حيث أن هناك العديد من الأسفار الخاصة بالعهد القديم تمت كتابتها بالعبرية القديمة ، وبالرغم من ذلك فإن هناك الكثير من المصادر التي تقوم على توضيح أن اللغة العبرية هي لغة دينية غير نقية حيث أنها لم تكن مستقلة بأي شكل من الأشكال ولم تتميز باللهجة المعروفة حيث أنها قامت على استخدام العديد من الكلمات الخاصة بالعديد من القبائل مثل القبائل الكنعانية والآشورية والبابلية والآرامية وغيرها واصبح اليهود يقومون على استخدام هذه اللغة حتي أصبحت اللغة متدهور بشكل كبير بسبب ترحيلهم وحلت محلها اللغة الآرامية.
المرحلة الثانية (العصر الثاني):
كانت تلك المرحلة من المراحل التي تلاشت فيها اللغة العبرية بشكل كبير وأصبحت اللغة الآرامية هي اللغة السائدة في المنطقة وبالتالي نجد أن اللغة العبرية قد مرت بالعديد من العوامل التي كان لها سبب أساسي في تدمير اللغة العبرية وهذه الأسباب كانت جميعها لها اثر فعال في إضعاف اللغة العبرية وهي :
١- إغارة الأشوريين على دولة فلسطين وهو ما أدي إلي تشتيت شمل اليهود.
٢- كما أن قيام اليونان بالاستيلاء على فلسطين من الأمور التي ساهمت في انتشار اللغة اليونانية .
٣- وعندما جاء الفتح الإسلامي قامت اللغة العربية بالتأثير بشكل كبير على اللغة اليهودية وبداية من هذا التاريخ بدأت تندثر اللغة العبرية بشكل كبير حيث أقتصر استخدامها في الكتابة وتلاوة بعض الآيات من التوراة فقط وكانت يطلق عليها العبرية اللاحقة للعهد القديم.
المرحلة الثالثة (المرحلة التلمودية):
هي المرحلة التي انهارت فيها الوحدة السياسية داخل المجتمع اليهودي، ولقد ساهم هذا الانهيار في تدهور كبير في اللغة العبرية، فاتجه غالبية المجتمع إلى استخدام اللغة الآرامية، فحاول اليهود تدارك الأمر فقاموا بكتابة العديد من الكتب مثل كتاب المنشأ، والجمارا، والتلمود، وكان الهدف من هذه الكتب هو الحفاظ على مضمون اللغة العبرية، من حيث التراكيب والألفاظ التي تتضمنها اللغة العبرية.
المرحلة الرابعة (اللغة العبرية في العصر الحديث):
تعد هذه المرحلة هي المرحلة الأخيرة التي مرت بها اللغة العبرية، وتطورت فيها اللغة العبرية من حالة الكتابة فقط إلى لغة القراءة وشهدت بعدها انتشار كبير.
مميزات وخصائص مراحل تطور اللغة العبرية:
١- تميزت المرحلة الأولي فالفصاحة في اللغة والصحة في النطق وكانت تتميز بالتأثر الكبير باللغة الآرامية .
٢- بينما تتميز المرحلة الثانية بأنها المرحلة التي كانت في القرون الوسطى والتي تأثرت بشكل كبير باللغة العربية وبعض اللغات الأجنبية وذلك بسبب قيام اليهود بنقل الكثير من العلوم إلي لغتهم لكي يستفيدوا منها بشكل أكبر .
٣- أما في مرحلة العبرية الحديثة اختلفت اللغة بشكل كبير وخاصة من حيث فصاحة اللغة حيث أن أغلبهم كان بعيداً عن اللغة العبرية الأصلية.
٤- ومع العصر الحديث بدأت حركة التنوير اليهودية التي حالوا فيها أن يقوموا على استرجاع اللغة العبرية ولكنهم فشلوا في المواءمة بين العبرية ومتطلبات العصر وبالتالي استعانوا بالتلمود وقاموا باستعارة اللغة الأوربية المتنوعة وقاموا على مزجها بها وبالتالي تعتبر العبرية الحديثة هي مزيج من كل المراحل السابقة للعبرية حيث أنها حصلت على الكثير من المفردات والعبارات وقامت على استخدام بناء الجمل التي تأثرت باللغة العربية والأوروبية في آن واحد.
٥- وقد جاء في القرن العشرين اليعازر بن يهودا لكي يقوم على إحياء اللغة العبرية بشكل كبير قام على البحث في الأدب العبري الكلاسيكي عن الكثير من الكلمات التي تصلح في العصر الحديث واستعان ببعض الكلمات العبرية لكي يقوم باشتقاق كلمات أخرى منها وبالفعل نجح في استخراج أسلوب عبري جديد وبسيط .
أوجه التشابه والاختلاف بين اللغة العبرية والعربية
هناك الكثير من أوجه التشابه والاختلاف بين العربية والعبرية وهي كالتالي :
أولاً: أوجه التشابه بين اللغتين:
١- تتشابه اللغة العبرية مع اللغة العربية في كونهما يتم كتابتها من اليمين إلي اليسار.
٢- كما أن اللغة العربية والعبرية يعتبروا من اللغات السامية المتواجدة منذ قديم الأزل.
٣- كما أن اللغة العبرية تتشابه مع اللغة العربية في العديد من الكلمات والحروف فاللغة العبرية مكونة من أبجد، هوز، حطي، كلمن، سعف ، صقر، شت بينما العربية هي أبجد هوز حطي كلمن فقط.
ثانياً: أوجه الاختلاف بين اللغتين:
١- تعتبر اللغة العربية من اللغات الصامدة التي لم تندثر على عكس اللغة العبرية التي اندثرت ومرت بالعديد من المراحل.
٢- لم تتأثر اللغة العربية بأي من اللغات الأخرى بالرغم من كم الظروف السياسية والثقافية التي مرتبها بل بالعكس هي التي قامت بالتأثير على الغرب وجعلتهم يقومون بتعلم العربية على عكس اللغة العبرية التي تأثرت بالعديد من اللغات الأخرى وهو ما أجي إلي تكونها من العديد من اللغات مثل الآرامية و الأشورية و اليونانية والعربية والروسية وغيرها.
بالتالي فإنه لا توجد أي وجه مقارنة متكافئة بين اللغة العربية واللغة العبرية، فاللغة العربية تمتلك من القواعد والأسس التي جعلتها تحتل تلك المكانة المرموقة إلى الآن، بينما اللغة العبرية خالية من أي مقومات لغوية وضعتها في تلك المكانة المتدنية.
الخاتمة:
في النهاية أجد أن اللغة العربية هي أقوي من اللغة العبرية بشكل كبير حيث أنها ثباته وراسخة ولم تهتز ولم تندثر وهو ما يدل على أنها سامية بخلاف اللغة العبرية التي مرت بالكثير من المراحل التي أدت إلي اندثارها وتحورها بشكل كبير، كم أن اللغة العبرية تأثرت بشكل كبير باللغة العربية والعديد من اللغات الأخرى مثل اللغة الأشورية ، البابلية ودخلت إليها الكثير من الكلمات الآرامية ، والأساليب الآرامية، كما دخلتها بعد ذلك كلمات فارسية ويونانية. وبالتالي فقد كانت اللغة العبرية من اللغات التي مرت بالكثير من المراحل ولكنها بالرغم من ذلك لم يكن لها اصل محدد بخلاف أنها لغة سامية مشتقة من اللغات الكنعانية. ويمكن القول إن اللغة العبرية تعاني من جمود كبير وذلك لأنها لا ترتكز بشكل أساسي على تراث أدبي، وعند النظر إلى الوضع الذي توجد عليها اللغة العبرية في الوقت الحالي نجدها تعاني من ضعف واضطراب كبير بسبب قيام اليهود عبر العالم باستخدام لغتهم في بلادهم الأصلية فيما بينهم، وهو ما ساهم في تنوع اللغات التي يستخدمها المجتمع اليهودي وهو ما تسبب في تفكك اللغة العبرية بصورة ما، وعدم قدرتها على مواجهة التطور الذي يحدث بين لغات العالم.
المراجع
1. حكمت بلعاوي _ الجذور التاريخية للغة العبرية ومنابع تطورها _ موقع مؤسسة فلسطين للثقافة _2003.
2. يوسف قوزي، محمد كامل روكان _آرامية العهد القديم _قواعد ونصوص _منشورات المجمع العلمي العراقي _ مطبعة المجمع العلمي العراقي _ بغداد 2006 .
3. الدكتور ربحي كمال _ دروس في اللغة العبرية _ مطبعة جامعة دمشق _ ط4 _1966.
4. الدكتور خالد إسماعيل _ فقه لغات العاربة المقارن -مسائل وآراء _ مكتب البروج _ 2000.
5. الدكتور محمد التونجي _ اللغة العبرية وآدابها _ منشورات جامعة بنغازي – كلية الآداب _ مطبعة جامعة عين شمس _ 1973
6. عامر سليمان _ الكتابة المسمارية _ نشر وتوزيع دار الكتب للطباعة والنشر _ الموصل _العراق _ 2000.