تلخيص فصول، شخصيات، وتحليل رواية "اللص والكلاب"
التعريف بمؤلف رواية اللص والكلاب:
مؤلف الرواية هو الكاتب المصري الشهير نجيب محفوظ. ولد نجيب محفوظ في مصر القديمة عام ١٩١١م وتوفى عام ٢٠٠٦م. حصل نجيب محفوظ على جائزة نوبل للأدب عام ١٩٨٨م عن رواية الثلاثية ليصبح أول أديب عربي يحصل عليها. ألف نجيب محفوظ العديد من الروايات مثل "أولاد حارتنا"، "عصر الحب"، "بين القصرين"، "قصر الشوق"، "السكرية"، "زقاق المدق"، "حديث الصباح والمساء"، "رادوبيس"، "بداية ونهاية" وغيرهم من العديد من الروايات الشهيرة. كُتبت رواية اللص والكلاب في 143 صفحة، وتم نشرها في عام 1961م. تعتبر تلك الرواية هي نموذج جديد في كتابات نجيب محفوظ وهي النموذج الفلسفي المليء بالفكر والحكمة على لسان معظم شخصيات الرواية مثل اللص سعيد مهران، الشيخ علي الجنيدي، فتاة الليل نور، حتى بعض الشخصيات الأخرى كرءوف علوان والمعلم طرزان.
السياق العام والتاريخي لرواية اللص والكلاب:-
تعتبر رواية اللص والكلاب من أهم روايات الكاتب الكبير نجيب محفوظ حيث قام بكتابتها في عام 1972 وقام بنشرها في عام 1973 وتعتبر رواية اللص والكلاب من أشهر روايات نجيب محفوظ بعد الثلاثية، فتعتبر رواية اللص و الكلاب من الروايات التي تقوم على وضع خط محدد للصراع بين اللص والكلاب فنجد أن الشخصية الأساسية في الرواية هي شخصية سعيد مهران حيث أن من بداية الرواية وحتى أخرها تعتبر شخصية سعيد مهران هي الشخصية التي تدور حولها الأحداث، فيقوم الكاتب نجيب محفوظ بالدخول إلي مكنون الرواية ويقوم على إدخال القارئ إلي مضمون الرواية حتي لا يشعر القارئ بالغربة بينه وبين العمل الفني.
فتعتبر الرواية مستوحاة من قصة حقيقية حدثت على أرض الواقع وهي رواية محمود أمين سليمان وهي جريمة قد شغلت الرأي العام في عام 1961 عندما قام بالخروج عن القانون من أجل أن يقوم على الانتقام من زوجته السابقة والمحامي الخاص به وذلك لآنهما قاما على خيانته وقاموا بانتهاك شرفه ومن ثم قاموا على حرمانه من أبنته وأمواله وبالتالي قام بالانتقام منهم مما أدى إلي تعاطف الناس معه بالرغم من أنه قام بارتكاب جرائم في حق الشرطة و حق أفراد المجتمع ولكن ذلك لم يمنع المجتمع من أن يتعاطف معه واستعان نجيب محفوظ بتلك القصة الواقعية من أجل كتابة روايته اللص والكلاب.
شخصيات رواية اللص والكلاب:-
الشخصية الرئيسية بالرواية:
١. سعيد مهران: هو اللص والذي يعتبر بطل الرواية كونه تعرض إلى مؤامرة قوية من الغدر والخيانة وعندما خرج من السجن قرر أن يقوم بالانتقام. ويمثل البطل سعيد مهران فكرة الصراع بين الطبقة الفقيرة المعدمة التي تضطر لفعل الاأخلاقيات وبين المجتمع الأرستقراطي المتوحش الذي يحكمه رأس المال.
الشخصيات الثانوية بالرواية:
١. رءوف علوان: الصحفي وهو صديق سعيد الذي قام بتحريض سعيد بالتمرد على المجتمع ومبادئه ولكن غدر بسعيد مهران في النهاية وهيج المجتمع والرأي العام ضده.
٢. نبوية: هي زوجة سعيد مهران السابقة التي تزوجت عليش والتي قامت بخيانته.
٣. سناء: وهي أبنة سعيد مهران والتي دفعته أكثر إلى الانتقام بسبب عدم تعرفها عليه ومعاملته بكل جفاء.
٤. عليش: وهو صاحب سعيد الذي خانه.
٥. نور: هي العاهرة التي أحبها سعيد مهران.
٦. طرزان: وهو صاحب المقهى.
٧. الشيخ علي الجنيدي: وهو الذي يقوم على توجيه سعيد ويمثل الجانب الروحي في الرواية.
٨. سكان الحارة: وهم الأشخاص الذين يراهم سعيد مهران أشخاص قبلوا الخيانة وقبلوا التعايش معها.
تلخيص فصول رواية "اللص والكلاب":-
بدأت الرواية بمبدأ الفلاش باك واسترجاع الأحداث وهي القيام باسترجاع الأحداث القبلية التي كانت سبب في دخول سعيد مهران السجن والقيام بالتعرف على الأسباب التي دفعت سعيد مهران نحو الانتقام.
الفصل الأول:
يعتبر أول فصل من فصول الرواية هو خروج سعيد مهران من السجن بعد قيامه بقضاء حوالي أربعة أعوام داخل أسوار السجن. يتنفس سعيد مهران الحرية لأول مرة لكنه يشعر بأن هنالك غبار غريب في الجو وحر بشع، وهنا يوجد إشارة بأن الحياة في الخارج لن تكون كما تمانها سعيد مهران. وبالفعل، بعد خروج سعيد مهران من السجن، رفض عليش بالرفض القاطع إعادة ما كان يمتلكه سعيد مهران قبل أن يدخل إلى السجن وقيام أبنته سناء باستقباله بكل جفاء وخشونة في التعامل والتعامل معه بكل برود وقيام سعيد مهران بالتواصل مع بجميع العديد من الشخصيات المحورية مثل عليش وأهل الحارة والمخبر من أجل المطالبة بحقه في ابنته واستردادها هي والأموال ولكن عليش يرفض ذلك. ينتهي الفصل بوجود سعيد، ابنته سناء، بياظة والمخبر، حيث يقول سعيد بأنه سيبحث عن سينسى ماضيه ويبحث عن عمل طيب ليأوي إبنته ويربيها.
الفصل الثاني:
ييأس سعيد مهران من المجتمع ويتوجه نحو طريق الجبل وتحديدًا ناحية حي الدراسة في منطقة المقطم، حيث يوجد الشيخ علي الجنيدي صديق والده والسعي نحو التخطيط لحياته بعد خروجه من السجن. يتعجب سعيد مهران من وجود العديد من الكسالى يستقون في ظل ذلك الجبل، ولكن عينه لا تفارق البنات الصغار اللاتي يلعبن وكأنهن يفكرنه بإبنته التي نسته. يقابل سعيد مهران الشيخ الذي له مريدين رغم بلوغه الثمانين عامًا. يحكي له سعيد عن خروجه من السجن وأنه لم يلتقي بالشيخ منذ ما يزيد عن عشرة أعوام. يخبره الشيخ بأنه لم يخرج بعد من السجن وكأنه يريد أن يقول له أنه خرج من سجن الحكومة لكنه لم يخرج من سجن نفسه وماضيه. كما أن سعيد مهران ينوي القيام بالانتقام بكل وحشية من زوجته السابقة وعليش ويحاول بقدر الإمكان أن يقوم على إقناع الشخص أن يقوم باستضافته ورفضه بشكل نهائي أن يقوم على الاستماع إلي الشيخ فيما يقول بخصوص القيم الروحية المبنية على التسامح والإيمان ثم ينتهي الفصل بأن الشيخ يذكره بالله ويطلب منه أن يتوضأ ويصلي ركعتين ويقرأ قوله تعالى "فاتبعوني يحببكم الله" وقوله تعالى "واصطنعتك لنفسي".
الفصل الثالث:
يبدأ الفصل بأن سعيد مهران يقلب في جريدة اسمها "الزهرة" ويبحث عن ركن رءوف علوان. يتوجه سعيد مهران بعد ذلك إلى جريدة الزهرة في ميدان المعارف وهي الجريدة التي يعمل بها الصحفي رءوف علوان ويفشل في أن يقوم بالاجتماع مع سعيد مهران صديق طفولته الذي كان في الماضي مجرد محرر في جريدة اسمها النذير المغمورة بشارع محمد علي. يستغرب سعيد مهران الأمر ويخبر رءوف علوان أنه سيعرف عنوانه من دفتر التليفون وسيزروه في البيت لأنه لا يستطيع حتى معانقته داخل الجريدة حيث أن رءوف علوان الآن هو الصحفي المشهور. قام سعيد مهران بعد ذلك بالتوجه إلى منزل رءوف علوان فقام باستضافته وقاما بتبادل أطراف الحديث والذكريات مع كأس من الخمرة حيث يشتكي له سعيد مهران مر الحياة خاصة إنكار إبنته له وخيانة زوجته. يقول سعيد مهران أنه تعلم الخياطة في السجن لكنه لا ينوي بالطبع العمل بها حيث أنه يحتقر كل المهن، مبررًا ذلك بأنه لم يتقن في حياته إلا السرقة لينهاه رءوف علوان عن ذلك ويخبره أن الظروف تغيرت وإن أصبح لصًا اليوم فلن يكون له أي مبرر وسيصبح لصًا فحسب وأن أي عمل شريف فهو ليس حقير. وانتهي اللقاء بين الإثنين على أنه ربما يعتبر أخر لقاء لان رءوف انزعج بشدة من قيام سعيد مهران بانتقاده من خلال العديد من التلميحات التي تنتقد مكانة وجاه الصحفي رءوف مهران مثل قول سعيد مهران "ما أجمل أن ينصحنا الأغنياء بالفقر". وفي نفس الوقت يحاول سعيد مهران التخفيف من وطأة الانتقاد والسخرية بقوله "أشكر لك الضيافة، العشاء، ونبل الأخلاق". ينتهي الفصل بأن رءوف يخرج خمس جنيهات من محفظته ليعطيها لسعيد مهران قائلًا بأنه مرهق بالعمل وربما لن يكون خاليًا مرة أخرى، ولكن سعيد مهران لم يرى إلا الخمسة جنيهات حيث صافح رءوف بحرارة قائلًا "ربنا يتم نعمته عليك".
الفصل الرابع:
يبدأ هذا الفصل بتذكر سعيد مهران صديقه القديم رءوف علوان ويصفه بأنه حقيقة عارية، وأنه جثة عفنة لا تجد تراب لكي يواريها. وأيضا قام سعيد مهران باسترجاع ذكرياته المليئة بالغدر والخيانة التي تلقاها من أقرب أشخاص له وقيام عليش بالإبلاغ عن سعيد من أجل أن يقوم بالتخلص منه والحصول على أمواله وزوجته وأبنته ورءوف الصديق الغادر الذي سعي نحو توجيهه إلى أن يسلك طريق التمرد، ومن ثم طلب منه عدم رؤيته مرة أخرى. يصف سعيد مهران حالته الوجدانية بأنه لا يجب الانخداع بالمظاهر حيث أن الكلام الطيب ما هو إلا مكر، والابتسامة ما هي إلا شفة تتقلص. قام سعيد مهران باتخاذ قرار الانتقام وهو يقول بنفسه "عندما أفرغ من تأديب الأوغاد، سأجد مستعًا في الأرض للاختفاء". قرر سعيد مهران أن يقوم بالاستيلاء على بيت رءوف في "مغامرة دسمة" وذهب إلى القصر على مقربة من الشاطيء حيث نامت الخيانة كما يصف سعيد مهران، ولكنه جد كلبًا هنالك داخل أسوار القصر. يسخر سعيد مهران من حال أستاذه رءوف علوان قائلا "تلميذك قادم ليحمل عنك بعض متاع الدنيا" ولكن رءوف كان متوقع ذلك فنصب له كميناً وقام بطرده من المنزل. يقبض رءوف علوان على سعيد مهران بمساعدة ثلاثة من الخدم، ويهدده بانه سيبلغ البوليس تهديدًا لسعيد مهران، ثم يقول لأنه بأنه لن يستطيع أن ينفذ ألاعيبه مع رءوف علوان حيث أنه فاهمه عن ظهر قلب. يوبخ رءوف علوان سعيد مهران بأنه حقير ولن تنتهي حقارته حتى يموت، وأنه سيسحقه كالحشرة، ثم انتهى الفصل بطرد سعيد مهران وبقول رءوف علوان له "لا ترني وجهك مرة أخرى"، حيث عاد سعيد مهران لشاطيء النيل مرة أخرة مع الفجر ولم يصدق أنه نجى من عملته.
الفصل الخامس:
توجه سعيد إلي المقهى من أجل أن يقوم بالاجتماع مع أصدقائه حيث رحب به الجميع بكلمات مثل "يا أرض احفظي ما عليكي"، و"ليلة بيضا بالصلاة على النبي". شكر سعيد مهران الجميع خاصة المعلم طرزان. كانت القهوة كأنها هي منذ وقت لم تتغير بأنسها، حجرتها المستديرة، نصبتها النحاسية، وكراسيها الخشبية المصنوعة من قش مفتول. سأل سعيد مهران المعلم طرزان عن الشغل، فأجابه بأنه لا أحد يريد الشغل وأن معظم الناس أصبحوا تنابلة. أجابه سعيد مهران بأن التنبل أفضل بكثير من خائني العيش والملح وأنه دخل السجن بسبب خائن. قام صاحب المقهى طرزان بإعطاء سعيد مهران المسدس الذي كان قد طلبه منه سعيد وقال له نار على عدوك بإذن الله". سأله سعيد مهران عن سعر المسدس، فأجابه المعلم طرزان بأنه هدية. مرت نور من أمام القهوة، وملئت ضحكتها صوت الشارع، ثم أمر المعلم صبيه أن ينادينها لتلقي بسعيد مهران. قام سعيد بالالتقاء بنور التي قامت بالتخطيط له من أجل أن يقوم على التغرير بأحد رواد الدعارة وسرقة سيارته.
الفصل السادس:
اتجه سعيد مهران مخترقا صحراء العباسية ليصل إلى مدفن الشهيد حتى يعثر على سيارة الرجل. شد سعيد مهران الباب بمنتهى القوة، وصرخ في الرجل قائلًا "لا تتحرك" وهو موجه المسدس تجاه الرجل الذي كان في موقف لا يحسد عليه. هدد سعيد مهران الرجل بإطلاق النار إن تحرك، أما نور توسلت إليه ألا يقتله. طرد سعيد مهران نور والرجل صاحب النزوات من السيارة، ثم طلب من الرجل نقوده، حيث أجابه الرجل أنه في الجاكتة في داخل السيارة. دفع سعيد مهران نور إلى داخل السيارة، ثم أخذ نور، وترك الرجل في الصحراء وذهب.
وبهذا فقد باءت الخطة التي قامت نور بوضعها بالنجاح وبالتالي أستولى سعيد على السيارة والأموال التي كانت بحوزة الرجل وأكملت نور لبس ملابسها في الطريق. بل إلاثنان ريقهم بالخمرة، ثم قالت نور لسعيد مهران متهمة إياه أنه "لا يحب أحدا". تعجبت نور من أن سعيد مهران خرج بالامس فقط من السجن، وأنه يفكر في أخذ المسدس والسيارة لتنفيذ بعض أعماله. تصف نور بيتها لسعيد مهران لكي يزورها حيث تسكن بمفردها في شارع نجم الدين، خلف قرافة باب النصر، وقالت له أنه لا أحد يعرفها هناك. تركها سعيد مهران على أمل لقاء قريب، ثم طلب منها أن تذهب للقسم لتحكي واقعة القرافة كأنها ضحية وغير مشاركة فيها، وأمرها أن تحسن التمثيل في القسم مثلما فعلت أما الرجل في القرافة، وانتهى الفصل على ذلك.
الفصل السابع:
يبدأ الفصل بقول سعيد مهران لنفسه أن قمة النجاح قتل "نبوية وعليش" معًا، ثم تصفية الحساب مع صديقه القديم، وغريمه الحالي رءوف علوان، ثم الهرب بعد ذلك إلى خارج البلد إن استطاع. على الرغم من ذلك العزم، يخاطب سعيد مهران نفسه ويعيد حساباته قائلًا "من سيبقى لسناء" تلك الشوكة التي انغرزت في قلبه، الإبنة التي يحبها رغم إنكارها له. احتار سعيد مهران، هل سيترك نبوية زوجته الخائنة إكرامًا للبنت كي تربيها، أم يقتلها؟. انطلق سعيد مهران إلى حارة سكة الإمام بجانب ميدان القلعة في وقت متأخر من الليل حيث خلى الطريق، وأُغلقت الدكاكين. قام سعيد مهران بالعزم والتأكيد على الانتقام من جميع من قاموا بخيانته فقام بالتوجه إلى منزل عليش وقام بإطلاق النار عليه حيث قام بقتله على الفور بعد توبيخه بلفظ "الخيانة بشعة" وأنه يجب اقتلاع أي خبائث حتى تصفوا الحياة ويهنأ الاحياء. لكن سعيد مهران لم يقم بقتل الزوجة الخائنة بسبب رغبته في جعلها تقوم على رعاية أبنته ثم هرب من مكان الجريمة إلى منشية البكري، ثم إلى شارع متفرع من الطريق العام. تحير سعيد مهران أين يذهب، هل سيذهب إلى نور، ولكنه سيشبهها خاصة في تلك الليلة حيث التحقيقات وانتهى الفصل بقوله أن الظلام ينبغي أن يمتد إلى أبد الأبدين.
الفصل الثامن:
بعد أن هرب سعيد مهران بعد ارتكابه جريمته قام بالتوجه إلى الحوش الذي يقطن به الشيخ. ذهب سعيد مهران للاختباء في منزل الشيخ، حيث أنه أصلح مكان للاختفاء، فحجرة الشيخ مفتوحة لا تغلق ليل ولا نهار، حيث يمكنه الخروج والعودة في أي وقت. بالإضافة لذلك، فإن الحجرة غارقة في الظلام الدامس وهادئة طوال الوقت. دخل سعيد مهران الحجرة وسمع صوت يغمغم بكلمة "الله"، ولكنه من التعب قلع حذائه، ووضع مسدسه، ثم استلقى برأسه التي تشبه خلية النحل من كثرة الأفكار التي بها على الحصيرة. قابل سعيد مهران الشيخ، لكنه لم يستطع النوم مما اقترفت يداه، فأخذ يحدث نفسه بما سمعه من صراخ نبوية. كشف أذان الفجر غيوم الليل، ثم طلب منه الشيخ أن يصلي الفجر، ولكن سعيد مهران لم يستطع الإجابة بسبب ما وصل إليه من الإعياء. قام الشيخ ليصلي، ولكن سعيد مهران مات نومًا من التعب، وفي أثاء نومه حلم بأنه يتم جلده في السجن بالرغم من حسن سلوكه، مع بكاء شديد وبدون أي مقتومة. بالإضافة لذلك، حلم أنه يشرب حليب مباشرة بعد الجلد، وأن إبنته سناء تمسك جرباك لتجلد به رءوف علوان داخل بئر السلم، ثم سمع صوت قرءان، ثم رأى نفسه يطار في سيارة بطيئة عاجزة عن الهروب. كل تلك الأمور هي هلاوس رآها حيث أنه من المعروف أن سفك الدم يتبعه الهلاوس والهواجس. قام سعيد مهران بعدها بالتعمق في النوم حتى وصل إلى العصر فقام بالاستيقاظ ومن ثم قرأ الجريدة فعلم أن الشخص المقصود لم يكن هو بل كان ضحية بريئة يدعي شعبان حسين وبالتالي هرب سعيد من أجل ألا تعثر عليه الشرطة فقام بالتوجه إلى الجبل. بدأت التحقيقات ولكن المفاجأة بأن سعيد مهران لم يقتل عليش، ولكنه قتل شعبان حسين الساكن الجديد بالخطأ، وأن صوت الصراخ لم يكن صوت نبوية، وقد شهد أحد جيران عليش بأنه رآى سعيد مهران وهو يرتكب جريمة القتل. يحاول الشيخ مرة أخرى أن ينصحه بالتوبة عن القتل الخطأ وينصحه أن يختبأ بالجبل وأن يعود إلى الله.
الفصل التاسع:
قام سعيد مهران في الليل بالتوجه إلي بيت نور في الظلام الدامس، ولكنها لم تكن موجودة. أخذ سعيد مهران يسأل نفسه، هل سيبقى في بيتها حتى ينسى ما فعل، ويا هل ترى هل ستعود نور بمفردها أصلًا، أم معها أحد؟ يخاطب سعيد مهران نفسه بأن رءوف ربما يظن أنه تخلص من سعيد للأبد، ولكن سعيد لم يقبض عليه حتى الآن، ويمكنه فعل الأفاعيل بالمسدس الذي في يده. جاءت نور إلى البيت، وفتحت له الشقة وجذبته من ذراعه ليدخل وقالت له أنه لم يكن عندها أي أمل أن سعيد سيأتي إليها ويزورها. قالت نور له أنهم استجوبوها بالأمس في المحكمة بخصوص واقعة المقابر حتى طلعت روحها كناية عن التعب والضغط، وسألته أي السيارة. أجابها سعيد بأنه تركها رغم أنه بحاجة إليها، وأن الحكومة التي تنحاذ لبعض اللصوص وتساعد البعض الأخر حتمًا ستعيدها إلى صاحبها. رأى سعيد مهران أن وجوده في منزل نور التي أحسنت استضافته بالطعام والشراب لا يشكل له خطورة ورأي أن نور سعيدة وراغبة في إقامته معها حتى وإن امتدت المدة. يقيم الإثنان مدة من الزمن وتنتهي الرواية وهما يأكلان الطعام في حجرة النوم التي تطل على القرافة.
الفصل العاشر:
يبدأ الفصل بسعيد مهران يجرب ارتداء بدلة الظابط، حيث يرى أن تلك البدلة قد تكون ملاذ آمن له في يوم من الأيام. وعندما أقام سعيد مع نور وجد راحته معها على الرغم من "صوت شخيرها" وهي نائمة على حسب وصف نجيب محفوظ. وفي مرة من المرات، سمع سعيد مهران صوت تتاؤب في الغرفة، فدقق النظر، فإذا بنور تجلس "شبه عارية، منكوشة الشعر، تعيسة القسمات". نظرت له نور بعدها بارتياح وقالت له أنها حلمت به قد تركها وهي تنتظره كالمجنونة في البيت. سخر سعيد مهران من ذلك الحلم وقال لها أن الحقيقة عكس ذلك، فهي التي تخرج، وهو من ينتظرها. عندما تقوم نور بالخروج يرى سعيد مهران أن تلك فرصه لكي يقوم باسترجاع ذاكرته وكيف انه قام بالتعرف على زوجته، ومن ثم إنجابه أبنته واسترجاع كيف أن عليش قام بخيانته، ثم يعود مرة أخرى إلى واقعة من خلال قيام نور بجلب له الأطعمة والصحف مع قيام صديق عمره رءوف علوي بالإسهاب في تضخيم الموضوع من خلال وصفه على أنه سفاح. وفي نفس الوقت يصف سعيد مهران ذكرياته مع الحملقة في السقف الأبيض وكيف أثر كل شخص فيه خاصة وأن سعيد مهران نسي كتبه عند الشيخ علي الجنيدي والغريب في الأمر أن سعيد مهران لص ولكنه مثقف وله كتب وفلسفة في الحياة حتى في السرقة. يصف سعيد مهران ابنته سناء بأن جفائها له "مؤلم حقًا كمنظر القبر" الذي يراه من حجرة الجلوس وأنه لا يدري كيف أو أين ومتى يمكن أن يلتقي بإبنته مرة أخرى، ولكنه يصبر نفسه بأنه قلب إبنته يخفق بحبه لها مثل "هذه الحياة المليئة بالرصاصات الطائشة. ينتقل لوصف عليش الذي لم يكن إلا شخص عابر ليس له أي قيمة وكيف أن نبوية هزت قلبه حتى أُقتلع من جذوره قبل أن يتزوجها. تعود نور إلى المنزل ومعها الجرائد ليقرأ كيف أن جريدة الزهرة وصاحبها رءوف علوان قد أسبهت في وصف تاريخ سعيد مهران الإجرامي وسرقته لقصور الأغنياء. يتبادل سعيد مهران ونور أطراف الحديث تارة يغزلها وتارة يحكي لها عن خيانات أقرب الناس إليه وينتهي الفصل على ذلك.
الفصل الحادي عشر:
يبدأ الفصل بوصف القرافة التي لا يكاد "يمر يوم دون أن تستقبل ضيوفًا جدد" وهنا يوضح نجيب محفوظ فلسفته في الحياة بأن الموت دائرة لا تقف لعل سعيد مهران وباقي الأشحاص اللاأخلاقيين في الرواية يتعظون. يصف سعيد مهران كيف أن الموت أخذ حتى عم مهران والده ذلك الكهل الطيب الذي كان يعمل بوابًا لعمارة الطلاب. بعد أن استرجع سعيد علوان ذاكرته من خلال طفولته مع والده الذي كان يعمل حارس عقار وكيف أنه تأثر بشكل كبير بالشيخ علي الجنيدي من الناحية الروحية كيف أنه تأثر به نظراً لكونه شهم وجدع كما أنه استرجع فكره شهامة رءوف علوان الذي سعى لتوظيفه بوابًا للعمارة خلفًا لأبيه، وقام على زرع مبادئ التمرد، لدى سعيد مهران، وقام بتشجيعه على سرقة الأغنياء. يسهب سعيد مهران في الذكريات وكيف أن رءوف علوان الطالب الشهم في كلية الحقوق وقتها أنقذ أمه من النزيف بعد أن جرى بها إلى مستشفى صابر بالقلعة عندما نزفت لكي يسعفها وييستفيض سعيد في الشرح وكيف كان شكل الدكتور، الممرضة الأجنبية، لبسه هو المتواضع وقتها. ثم أفاق سعيد على صوت نور عندما عادت من المنزل وهي منهارة بعدما تلقت علقة ساخنه على يد إثنان زبائن من الطلبة حينما طالبتهم بالحساب وتصفهم نور بلفظ الكلاب. بكت نور وكشفت عن ساقها وما بها من ألم، ثم أشارت إلى قماش بدلة الظابط الذي طلبه سعيد مهران، وأخبرته انها لن تروق في عينيه هذه الليلة لما بها من ألم، وتعب. حاول سعيد بقدر الإمكان أن يقوم بالتخفيف عنها وقال لها أن أمر الليلة ليس هام وطلب منها أن تغسل وجهها وتنام. يصيح كلب في القرافة ويكأنه يشير إلى أهمية تغيير مجرى الحديث، فتشرح نور كيف أن ضاربة الودع غشتها زمان وقالت أن أمامها مستقبل كالورد وأن الأمان والاطمئنان سيجيئان. يلاطف سعيد مهران صاحبته نور كأنها طفل ثم يطلب منها أن تنام لأنها "في حاجة إلى النوم"، حيث تقاطعه نور قائلة أنها "في حاجة إلى الوعد" وليس النوم، وينتهي الفصل على ذلك.
الفصل الثاني عشر:
ومن ثم نجد أنه في ذلك الفصل قام سعيد بإكمال تفصيل بدله الضابط ثم يرتديها على سبيل التجربة مما أدى إلى قلق نور من ضياع سعيد مرة أخرى حيث أن الصحافة والشرطة ما زالت مستمرة في تضيق الخناق من أجل الوصول إلى الجاني، ولكن سعيد يخبرها أنه صنع بدلة الظابط عن حكمة ما سنعرفها لاحقًا. ينتشر في الليلة التالية في المجلة الأسبوعية خبر قتل رجل ما ثم رأت صوره فيها. انهارت نور ولامته لما قتل فهو لا يحبها إذًا لأنهم كان من الممكن أي يعيشا معًا في سلام، ولكن سعيد يقول لها أنه قتل الرجل قبل أن يلتقي بها، وأنهما يمكن أن يهربا معًا بعد انتهاء الزوبعة. تجاذبه نور أطراف الحديث وتقول أنها سمعت أن هنالك جنود يملئون مخارج القاهرة ليقبضون عليه، وكيف أن الجرائد كلها "الحرب الخفية" تكتب عنه، ولكنه يقول بثقة أن يستطيع الهر حينما يقرر ذلك. قام سعيد في الليلة التالية بالذهاب لقهوة طرزان، فقام طرزان بتحذير سعيد بعدم تردده على المقهى التي تخضع لمراقبة المخبرين قائلًا "لا تؤاخذني، حتى قهوتي لم تعد بالمكان المأمون لك". قال سعيد مهران بعدها أنه ظن أن الزوبعة قد انتهت، ولكن طرزان يقول له أنها تزداد كل يوم اشتعالًا واشتعالًا بسبب الجرائد. ودع طرزان صاحبه سعيد مهران، وقال له أنهما يستطيعان مقابلة بعضهما البعض خارج القهوة إن شاء سعيد. عائد سعيد إلى مخبأه في بيت نور، وهو يستشيط غضبًا من رءوف علوان الذي هيج الدنيا ضده، حيث سكتت كل الجرائد، ولكن جريدة الزهرة لرءوف علوان لازالت تكتب عنه وتستفز البوليس، وكيف أن رءوف علوان لن يهدأ حتى يلف حبل المشنقة حول رقبة سعيد مهران. يسأل سعيد مهران نفسه متخيلًا رءوف علوان أمامه قائلًا: "رءوف علوان، خبرني كيف يغير الدهر الناس على هذا النحو البشع؟!. جاءت نور في الفجر، ومعها مشويات، شراب، وجرائد، وكانت مبسوطة كأن علقة الأمس لم تكن. سأل سعيد مهران صاحته نور التي بدا منها" رائحة بودرة ملبدة بالعرق" عن الحال في الخارج، فأخبرته أن الناس يظنون أن سعيد مهران بطل كعنترة ابن شداد ولكنهم لا يعلمون عذابه. قال بعدها سعيد مهران الفليسوف اللص وهو يأكل أن "أكثرية شعبنا لا تخاف اللصوص ولا تكرههم.. ولكنهم بالفطرة يكرهون الكلاب". في نهاية الفصل، يتحدث الإثنان عن أبو نور الذي تقول أنه كان عمدة، ثم يكذبها سعيد مهران بأنه كان خادمًا للعمدة وليس عمدة وينهاها عن الكذب، ثم تسأله عن من هو رءوف علوان.
الفصل الثالث عشر:
يبدأ الفصل في منتصف الليل، حينما اخترق سعيد مهران الصحراء بالجانب الغربي من السماء وكان القمر ساطعًا شيئًا ما ليقابل المعلم طرزان ويعرف منه بعض المعلومات الهامة. يرشده المعلم طرزان على طريق المعلم بياضة الذي سيرجع من طريق الجبل، حيث قام سعيد باعتراض طريق بياضة وفي يده مسدسه حيث أن طرزان أخبره بمكان تواجده فذهب إليه سعيد من أجل أن يتعرف على مكان عليش، ولكن قام سعيد مهران بإخلاء سبيل المعلم بياضة بعدما فشل في الحصول منه على معلومات تقوم بإفادته. أخبر المعلم بياضة سعيد أنه ليس عدوه، فقد كان بياضة صديق عليش وشريكه ولكنه لا شأن له بخيانة عليش لسعيد مهران. أخذ سعيد من المعلم بياضة بعض النقود (عشرة جنيهات) قبل أن يقوم بإخلاء سبيله. مما جعله يقوم بتحويل دفة الانتقام إلي رءوف علوان.
الفصل الرابع عشر:
قام سعيد مهران بارتداء بدله الشرطة (برتبة صاغ) التي قام بتفصيلها وقام بالتنكر بها من أجل أن يقوم بالتوجه إلى منزل رءوف مهران، لكي يقوم بالانتقام منه. رأى سعيد مهران في طريقه وهو راكب تاكسي إلى جسر الجلاء بعضًا من رجال الشرطة، وبالطبع لم يكن مرتاحًا وهو يمر ممن جانبهم. استقل سعيد مهران بعد ذلك قاربًا من مرسى القوارب الموجود بالقرب من الجسر وظل يجدف يمينًا يسارًا لمدة ساعتين تحت ضوء القمر. أقنع سعيد مهران نفسه بأن فلتان عليش من بين يديه لن يكون هزيمة له مادام سينزل عقابه برءوف علوان الذي يعتبره رمز الخيانة الأب وكل الخونة في كل الأرض مثل عليش ونبوية هم تحته. مال سعيد مهران بعدها بالقارب نحو قصر رؤوف علوان ثم أوقفه على الشاطيء وهبط منه. ارتقى بعد ذلك المنحدر ببدلة الظابط والثقة تملئه بسبب بدلته التي يرتديها. نظر سعيد مهران إلى داخل القصر فوجد مصباح واحد عند الباب مضيء والباقيين مغلقين، فتيقن أنه لا أحد بعد في المنزل، فعاد إلى الكورنيش مرة أخرى وأخذ يراقب المنزل. قام سعيد مهران بعد ذلك بالهجوم على رءوف مهران وهو يخرج بسيارته ناحية قصره ولكن قبل أن تصل رصاصة سعيد مهران، جاءت رصاصة أخرى من الحديقة صوب سعيد مهران، فتأكد إليه أن أحدًا ما يريد قتله هو، فهرب ناحية الشاطيء ثم قدف بالقارب بكل ما أوتي من قوة. أصيب سعيد مهران برصاصة في رجله ثم عاد إلى مخبأه بعد أن عبر شارع محمد علي والرصاصة في رجله. تعود نور متخوفة من القلق على سعيد بعدما علمت بتعرض رءوف للاغتيال، ولكنه يخبرها أن الجرح في رجله لأنها ارتطمت بباب تاكسي. كذبته نور لأنه كان يرتدي بدلة الظابط وشرب الإثنان الخمر، وتبادلا الحديث، وانتهى الفصل على ذلك.
الفصل الخامس عشر:
جاء هذا الفصل لكي يقوم على نقل خبر فشل سعيد مهران في قتل رءوف مرة اخري وسقوط البواب ضحية له نتيجة خطأه. أخبر رءوف علوان أن من حاول قتله هو سعيد مهران رغم أنه كان يحسن إليه عندما كان يعمل بوابًا للعمارة، وأن رءوف علوان أحسن إليه مرة اخرى بعد خروجه من السجن عندما راح يسرق بيته، فعفا عنه وأعطاه بعض النقود. كان ذلك خيبة أمل لسعيد مهران وأصر على الاستمرار في المحاولات من أجل تحقيق انتقامه مهما كلفه ذلك. تعنف نور سعيد مهران عندما تعلم بقتل البواب وتسأله لما قتله، فيجيبها أنه لم يكن يقصد قتل البوابين. ثم تسأله بعد ذلك، لماذا يريد قتل رءوف علوان وهل كان له علاقة بزوجته السابقة، فيضحك ويجيبها "أنه خائن أيضًا ولكن من نوع أخر". ينتهي الفصل مرة أخرى برائحة "عرق نور"، التي تعتبر دليل على عدم اهتمامها بنفسها على الإطلاق، ودليل على الظروف الغير أدمية التي تعيش فيها، وقبلة بحنان صادق على جبين نور من سعيد مهران.
الفصل السادس عشر:
يبدأ الفصل مع بزوغ الفجر، ولكن نور لم تعد حتى الآن، فأصاب سعيد مهران سهاد شديد. تسأل سعيد، هل من الممكن أن تغري مكافأة البوليس نور وتسلمه، وهل ستكون خائنة مثل الأخرين. تزداد الأفكار والوساوس سوءًا مع تفكيره في نبوية التي كانت ملك يديه، ولم يتوقع وقتها أن تخونه أبدًا. يدور سعيد مهران من غرفة لغرفة يبحث عن نور، ولماذا لم تعد إلى الآن. ذهب سعيد مهران إلى المطبخ يبحث عن طعام، لكنه لم يجد إلا رقائق الخبز، فتات اللحم الملتصق بالعظم بقايا طعام أمس، وبعض البقدونس. يتناولها سعيد مهران كالكلب حسب وصف الكاتب، ثم يذهب إلى قهوة المعلم طرزان ليطلب منه طعامًا، فيحضر له الكباب، ويحذره من أن كل شبر به مخبر. مشى بعدها سعيد مهران نحو الغابة باتجاه مدفن الشهيد، فانقض عليه رجلان يسألانه أحدهما يقول له قف، والثاني يقول له أين بطاقتك الشخصية، واتضح أن الظابط والعسكري معه من قوة الوايلي. ضرب سعيد مهران الرجلين بقبضة في بطنهما وهرب إلى منزل نور، ولكنه لم يجدها حتى الآن. نام سعيد مهران، واستيقظ على صوت صاحبة البيت تخبط على الباب وتنادي ست نور، حتى تأخذ الإيجار، فاليوم هو الخامس من الشهر، وهي لن تصبر على الإيجار أكثر من ذلك. أخذ سعيد مهران مسدسه في يده من باب الحيطة، وانتهى الفصل على تفكير سعيد مهران بمغادرة المنزل خوفًا من انكشاف أمره.
الفصل السابع عشر:
يبدأ هذا الفصل بخبط صاحبة البيت أكثر من مرة على الباب تتساءل أين نور وأين الإيجار، عند العصر وعند المساء. في ذلك الوقت، غادر سعيد مهران البيت متسللا في منتصف الليل، يتربص في مشيته وخيل له أن كل المارة حوله مخبرين. اتجه سعيد مهران بعدها نحو طريق الجبل ناحية مسكن الشيخ علي الجنيدي حيث كاد العطش أن ينهش بطنه. وبالفعل هرب سعيد إلي منزل الشيخ علي الجنيدي وتذكر في طريقه أنه نسي أخذ البدلة الرسمية معه، وأصر بشكل كبير على أن يقوم بالرجوع مرة اخري إلى منزل نور لكي يقوم بإحضار البدلة التنكرية التي نسيها في منزل نور. قابل سعيد مهران الشيخ علي الجنيدي وتحدثا عن الدنيا والأخرة والأوغاد وحاول الشيخ علي مرة أخرى أن يقنعه بالتوبة وبأن الدنيا عادلة وأنه لم يكن هنالك أي داعي للانتقام وقتل الأبرياء بالخطأ في صورة الحديث الصوفي الفلسفي المعروف به الشيخ علي الجنيدي. يخبر سعيد مهران الشيخ علي أنه يخشى ويتجنب النظر في المرآة مخافة أن يكون قد اسود وجهه، ويسأله متعجبًا كيف ينظر كل هؤلاء الأوغاد إلى أنفسهم في المرآة كل ساعة. يتنهي الفصل بتفكير سعيد مهران في العودة لمنزل نور لإحضار البدلة التي نسيها.
الفصل الثامن عشر:
قام سعيد مهران من النوم بعدما قرر أن يذهب إلي بيت نور لكي يقوم باستعادة بذلته فوجد سكان جدد داخل الشقة، فقام بالعودة مرة أخري إلي بيت الشيخ وقامت الشرطة بمطاردته فقام بالتوجه إلى الجبل وقامت الشرطة بمحاصرته داخل المقبرة حيث كانت نهايته على أيدي الشرطة بعدما قاوم بكل قوته في محاولة بائسة للنجاة والانتقام وفي نهاية الرواية استسلم.
تحليل ونقد رواية اللص والكلاب:-
1- تحليل رمزية اسم الرواية:
يمثل اسم الرواية "اللص والكلاب" رمزية كبيرة لدى كل من يقرأها ليتعرف على اللص والكلاب. اللص في هذه الرواية هو سعيد مهران بطل الرواية الذي كان يسرق الأغنياء ويراه حقًا مشروعًا لمعاقبة المجتمع على كل الخيانات وخيبات الأمل التي تلقاها منه. أما الكلاب فهي رمز للمجتمع الخائن بكل شخصياته التي خذلت سعيد مهران وتأمرت ضده سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة مثل عليش صديق البطل الذي خان العيش والملح وبلغ عنه وتزوجه طليقته، رءوف علوان الصحفي الذي شجع سعيد مهران على السرقة ثم تبرأ منه وتنصل من أفعاله ولم يكن رءوفًا به بعد ذلك، سناء ابنته التي رفضت أن تصافحه فتحولت من سناء ينير له حياته إلى سبب ظلمة قلبه، نبوية زوجته السابقة التي طلبت الطلاق بمجرد سجنه وتزوجت صبيه فخانته وبدلًا من أن تكون نبوية كانت أفعالها شيطانية، وكذلك السلطة التي قبضت عليه في نهاية الرواية. أما رمزية اسم البطل "سعيد" فهو لم يعش السعادة قط بل كان تعيسا طول الوقت حتى نور لم تكن نور في الحياة بل كانت فتاة ليل تهوى العيش في الظلام في بيتها بجانب المقابر برائحة الخمر وعرقها الكريهة وهذه علاقة عكسية لإعمال عقل القاريء.
2- تحليل لغة الرواية:
إن رواية اللص والكلاب تعتبر من أهم الروايات التي قام بكتابتها نجيب محفوظ ونال عنها العديد من الجوائز التقديرية كما أنه نال اهتمام الدارسين والباحثين نظراً لما تحتويه الرواية من عمق في المضمون وفصاحة رهيبة كما أن الكلمات تتميز بالعمق والبناء اللغوي الصحيح. من خلال ما سبق نري أن القوي الأساسية والفاعلة هي القوي الرئيسية التي تتمحور حولها الأحداث ومن حولها الشخصيات المحورية الأخرى والثانوية.
3- تحليل رمزية الأماكن:
كما أننا نرى أن الأماكن هي المجال التي يتم من خلالها استثمار الشخصيات والتعرف على مكنون الشخصية من خلال الأماكن حيث أن الحي هو المكان الذي تستر على الجريمة التي ارتكبت فيها الجريمة في حق سعيد وهو مكان أول جريمة يقوم بها ومن ثم طريق الجبل الذي يسلكه سعيد من أجل أن يقوم بالهروب من أعين الشرطة ويعتبر منزل رءوف هو المنزل التي تبدلت فيه قيم سعيد من الجيد إلي السيء وتعتبر المقبرة هي المكان النهائي الذي تنتهي به الأحداث وهي النهاية الحقيقية لأي شخص ولأخطاء سعيد مهران.
4- تحليل فكرة الانتقامية من المجتمع:
تناقش الرواية بصورة أساسية فكرة الانتقام حيث أن سعيد مهران يسعى للانتقام من كل من أذوه بكل السبل. والانتقام من خلال شخصية سعيد مهران هو رمز للانفجار المجتمعي الذي قد يحدث إذا طغت الطبقة الغنية الأرستقراطية على الطبقة الفقيرة من خلال التهميش، هضم الحقوق، والسجن. وقد تجلت فكرة الانتقام في أسوأ صورها من خلال سعيد مهران، فشخص مثله ليس لديه ما يخسره ولا يهمه حتى وإن خسر نفسه وقتل، حيث أنه يرى أن الموت لا يفرق كثيرًا عن الحياة طالما أن العبرة هي عدم وجود أساسيات الحياة بل وعدم وجود أي رحمه فيمن حوله من الشخصيات فيما عدا بصيص الأمل الذي يأتي من الشيخ علي الجنيدي.
5- تحليل فكرة التوتر والخيانة:
التوتر والتوجس والخيانة هما ثلاث متلازمات لا ينفك أحدهما عن الأخر. حيث أن الخائن لطالما يكون متوتر خائف من انكشاف أمره وفضيحته. ونجد أن التوتر والتوجس يعتبر عامل مشترك ما بين جميع الشخصيات التي توجد في الرواية حتى وإن اختلفت الأسباب والدوافع لدي كل شخصية على حدى. فعلى سبيل المثال قد مثلت نبوية فكرة الخيانة الزوجية بكل ما تحمله من مساويء ولا أخلاقية. وفي نفس السياق نجد خيانة الصديق من خلال عليش الذي خان سعيد مهران وأوشى به مما جعله يقضي في السجن أربع سنوات.