📁 قد يعجبك

دور الخدمة الاجتماعية في المجال الأسري ورعاية الطفولة

الخدمة الاجتماعية ورعاية الأسرة والطفولة

لقد شهد العصر الحديث تطور كبير في كافة مجالات العلم بحيث أصبحت مجالات العلوم تشمل كافة الأنشطة والمجالات المختلفة سواء التي تتعلق بالأفراد أو الأسر أو هيئات ومؤسسات المجتمع، وتعد الخدمات الاجتماعية أحد العلوم التي زاد دورها وتنوع بصورة كبيرة خلال العصر الحديث ليشمل الكثير من المجالات، ومن أبرز تلك المجالات هو مجال الطفولة والأسرة من كافة الجوانب التي تتعلق بالأسرة من الناحية النفسية والصحية والأنشطة التي تقوم بها الأسرة والمشكلات المختلفة التي تواجه أفراد الأسرة. تلعب الخدمة الاجتماعية دور أساسي في توجيه الأسرة وحل مشكلاتها بصورة علمية سليمة تساعد على استقرار وترابط الأسرة بدرجة كبيرة، فالأسرة تواجه تحديات وصعوبات كثيرة خلال العصر الحديث، وهو ما يوضح أهمية دور الخدمة الاجتماعية، وسوف أحاول من خلال هذا البحث تسليط الضوء على الخدمة الاجتماعية والدور الذي تقوم به في المجال الأسري بصورة مفصلة وقائمة على أسس علمية سليمة. 


مفهوم الخدمة الاجتماعية:

هناك العديد من التعريفات للخدمة الاجتماعية ومن هذه التعريفات بأنها "هي مهنة يقوم بها بعض الأفراد وفق أسس علمية بهدف إحداث تغيرات إيجابية في الأفراد والمجتمع، بحيث يتم تغيير سلوكيات الأفراد ووضع الحلول المختلف التي يمكن من خلالها مواجهة السلبيات ومعالجة المشكلات بمختلف أنواعها. 


أهداف الخدمة الاجتماعية في مجال الطفولة:

هناك العديد من الأهداف التي تسعي الخدمة الاجتماعية لتحقيقها في مجال الأسرة وأبرز تلك الأهداف هي:

1. تسعي الخدمة الاجتماعية نحو تثقيف الطفل، وتقديم برامج العلاج المناسب للطفل حسب الحالة النفسية والسلوكية ومتابعته بشكل مستمر.

2. العمل على غرس الشعور بالرضا والثقة داخل أفراد الأسرة، وخلق مناخ أسري قائم على المساواة بين أفرادها وهو ما يحقق الاستقرار والهدوء داخل الأسرة. 

3. مناقشة كافة المشاكل التي تتعرض لها الأسرة ووضع الحلول العلمية من خلال الاخصائي الاجتماعي وهو ما يساعد الأسرة بشكل كبير في التغلب على كافة المشاكل التي تواجهها. 

4. تسعي الخدمة الاجتماعية نحو توفير حماية للأسرة داخل المجتمع، ويتم ذلك من خلال معالجة قضايا ومشكلات المجتمع وبالتالي تعيش الأسرة في بيئة صالحة للحياة تساعد على جعل أفرادها أعضاء فاعلين في خدمة وتنمية المجتمع. 


مبادئ الخدمة الاجتماعية في مجال الطفولة:

من أهم المبادئ التي تقوم عليها الخدمة الاجتماعية في مجال الأسرة هو تقديم المساعدة للغير، حيث تقوم الخدمة الاجتماعية من خلال الاخصائي الاجتماعي بتقديم الاستشارات النفسية والسلوكية لأفراد الأسرة سواء للزوجين أو الأطفال، وكذلك تقديم الحلول العلمية المختلفة التي تساعد على حل المشكلات التي تواجه الأسرة بشكل عام أو أحد أفرادها بشكل خاص، ومن أبرز المشاكل التي تواجه الأسرة وتعمل الخدمة الاجتماعية على حلها مشكلة الطلاق والعنف الأسري وحرمان الأطفال من التعليم والزواج المبكر وغيرها من المشاكل، حيث تقدم المشورة والحلول المختلفة التي تساعد على حل تلك المشاكل، ومعالجة الآثار السلبية التي تترتب عن تلك المشاكل ويعاني منها أفراد الأسرة، وهي تحرص على تقديم تلك المشورة لكافة الأسر في المجتمع بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية أو الدينية التي تنتمي لها الأسرة. 

كما يأتي من ضمن مبادئ الخدمة الاجتماعية هو التكتم التام على مشاكل وأسرار الأخرين، فلا يجوز بأي حال من الأحوال تسريب أي معلومة عن حياة الأخرين وهي من آداب مهنة الاخصائي الاجتماعي بشكل عام، فهو يتعرف على مشاكل الأسرة بصورة مفصلة ودقيقة ويحصل على ثقة أفرادها بصورة كبيرة للغاية وذلك للتعرف على كافة جوانب المشكلة وبالتالي وضع الحلول المناسبة لمعالجتها، ومن هنا فإن الاخصائي الاجتماعي يلتزم الصمت الكامل عن كافة المعلومات التي يحصل عليها من أفراد الأسرة. 


المشاكل الاجتماعية التي تواجه الأسرة وتعمل الخدمة الاجتماعية على حلها:

1- من أبرز المشاكل التي تواجه الأسرة وتعمل الخدمة الاجتماعية على حلها هو الطلاق، وما يترتب عليه من تفكك للأسرة وهجر الأب لأبنائه والعديد من الأمور السلبية التي تصيب الزوج والزوجة والأبناء من الناحية النفسية والعصبية والسلوكية، وتقوم الخدمة الاجتماعية بمساعدة أفراد الأسرة على تخطي تلك المشكلة وعلاج الأسباب التي ساهمت في حدوثها بما يسمح بتخفيف حدة الآثار السلبية التي تنتج عن الطلاق. 

2- يعمل الاخصائي الاجتماعي على حل الخلافات الشخصية التي تنتج عن اختلاف وجهات النظر والفكر بين الزوجين من خلال العمل على توطيد الأفكار ودعم النقاط المشتركة بينهم وهو ما يقرب المسافات بين الزوجين. 

3- تساعد الخدمة الاجتماعية الأسرة على مواجهة الضغوط الناتجة عن التحديات والصعوبات المادية التي تؤثر على استقرار الأسرة. 

4- تساعد الخدمة الاجتماعية الزوجين على اتباع أساليب التنشئة الاجتماعية السلمية للأبناء، ومعالجة الآثار السلبية الناتجة عن قيامهم بأساليب خاطئة في تربية الأبناء. 

5- في حالة وجود طفل معاق أو من ذوي الاحتياجات الخاصة يقوم الاخصائي الاجتماعي بوضع برامج الرعاية والتأهيل التي تناسب الظروف الصحية والنفسية والسلوكية للطفل، ويساعد الزوجين على التطبيق السليم لتلك البرامج. 

6- يضع الاخصائي الاجتماعي برامج الرعاية والتأهيل المناسبة في حالة تعرض أحد أفراد الأسرة لمشاكل صحية أو نفسية تؤثر على استقرار الأسرة مثل الإدمان أو الاكتئاب وغيرها من المشاكل النفسية والعصبية. 


دور الاخصائي الاجتماعي في حل مشاكل الأسرة والطفولة:

1- يقوم الاخصائي الاجتماعي بالاستماع إلى الزوجين للتعرف على المشاكل التي يعانوا منها كل طرف والعمل على تقريب وجهات النظر بين الزوجين بما يسمح بزيادة درجات التفاهم بينهم. 

2- ملاحظة كل ما يدور في الجلسات مع الزوجين للتعرف على كافة التفاصيل التي تشكل مضمون المشاكل التي يتعرض لها الزوجين، وبالتالي وضع الحلول المناسبة لحلها. 

3- التعرف بصورة واضحة ودقيقة على سلوكيات أفراد الأسرة وحاجاتهم ورغباتهم وطموحهم في الحياة. 

4- تأهيل أفراد الأسرة من الناحية النفسية والسلوكية والاجتماعية على مواجهة ضغوط الحياة المختلفة، وكيفية التعامل السليم مع باقي أفراد الأسرة. 

5- مساعدة الزوجين على معرفة اساليب التنشئة الاجتماعية السليمة التي يجب اتباعها في تربية الأبناء، وكيفية تطبيقها بصورة سليمة. 

6- وضع برامج الرعاية والتأهيل لأي فرد داخل الأسرة يتعرض لمشاكل صحية او نفسية وعصبية ومتابعة تنفيذ تلك البرامج. 

7- التنسيق بصورة مستمر مع أفراد الأسرة وهيئا الدولة ومنظمات المجتمع المدني لكي تحصل الأسرة على الدعم المادي والمعنوي الذي يساعده في الحياة. 

8- دعم المهارات والقدرات التي يمتلكها أفراد الأسرة والتي تساعدهم على التطور والنضوج بما يحقق مزيد من الترابط والاستقرار في حياتهم. 



دراسات سابقة عن الخدمة الاجتماعية في مجال الأسرة والطفولة:

هناك العديد من الدراسات التي تحدثت على الخدمة الاجتماعية في المجال الأسري، حيث اختصت بدراسة المشاكل التي تواجه الأسرة سواء بين الزوجين أو على الأبناء، ومن هذه الدراسات:

1. دراسة فؤاده محمد على هدية (1998) وكان الهدف من الدراسة هو التعرف على الفروق في العدواني ومفهوم الذات بين الأبناء الذين يعيشون في أسرة متوافقة ومترابطة، والأبناء الذين يعشون داخل أسرة تعاني من التفكك أو الصراع بين الزوجين، ولقد توصلت الدراسة لعدد من النتائج ومنها:

أ- هناك فروق كبيرة ذات دلالة احصائية بين الأبناء الذين يعيشون في أسرة متوافقة ومترابطة وبين أبناء الأسرة الغير متوافقين وذلك في درجة العدوانية والمشاكل النفسية والعصبية والسلوكية، وذلك لصالح الأبناء الغير متوافقين، أي أن أبناء الغير متوافقين أكثر عدوانية وعرضه للمشاكل النفسية والسلوكية.

ب- إن الدور الذي يقوم به الاخصائي الاجتماعي من خلال برامج التأهيل النفسي والسلوكي للأزواج والأبناء يساعد على تخفيف درجة العدوانية للأبناء، ويزيد من ترابط وتماسك الأسرة واستقرارها. 


2. وفي دراسة حافظ إمام (2007) وكان تهدف تلك الدراسة للتعرف على العوامل النفسية والاجتماعية للزوجة التي تتعرض للعنف الأسري من الزوج وعلى الرغم من ذلك تفضل البقاء في منزل زوجها والاستمرار معه وتحمل هذا العنف من الزوج، ولقد أجريت الدراسة على عينة من النساء عددها 450 سيدة، وتم دراسة كافة اشكال العنف الأسري التذ تتعرض لها النساء من الأزواج، وأسباب هذا العنف من وجهه نظرهم وكافة العوامل المرتبطة بهذا العنف وأسباب تحملهم لهذا العنف، ولقد قامت الدراسة تحليل إجابات أفراد العينة وتوصلت لبعض النتائج وأبرزها:

أ- استمرار الزوجة مع زوجها على الرغم من تعرضها للعنف بسبب حرصها على الحفاظ على أسرتها وأبنائها.

ب- هناك أضرار نفسية كبيرة تعاني منها الزوجة بسبب العنف وأيضاً يؤثر هذا العنف على الحالة النفسية للأبناء وعلى سلوكياتهم وتصرفاتهم مع الآخرين.

ج- سرعة تدخل الاحصائي الاجتماعي في بداية مرحلة العنف من الزوج تساهم بصورة كبيرة في إيجاد الحلول المناسبة لمعالجة ومواجهة تلك المشكلة الاجتماعية، وتخفيف الآثار السلبية الناتجة عن العنف على الزوجة والأبناء. 


أهم النتائج عن الخدمة الاجتماعية في مجال الأسرة والطفولة:

1- تسهم الخدمة الاجتماعية في زيادة استقرار وترابط الأسرة من خلال الدور الذي تقوم به من تقديم الاستشارات النفسية والسلوكية والتربوية والاجتماعية لأفراد الأسرة. 

2- إن تفهم أفراد الأسرة ووعيهم بأهمية دور الخدمة الاجتماعية بالنسبة لهم يدعم بصورة كبيرة تفعيل الدور الذي تقوم به الخدمة الاجتماعية وتأثيرها الايجابي على أفراد الأسرة. 

3- كلما زاد وعي الاخصائي الاجتماعي بواجبات الدور الذي يقوم به تجاه الأسرة كلما زادت قدرته على مساعدة أفراد الأسرة والتأثير بصورة إيجابية على استقرار وتماسك الأسرة. 

4- كلما تطورت مهارات وخبرات الاخصائي الاجتماعي في مجال الأسر كلما زادت من تأثيره على أفراد الأسرة، وزادت قدرته على معرفة برامج الرعاية والتأهيل التي تناسب الحالات التي تظهر بين أفراد الأسرة. 

5- إن معرفة الاخصائي الاجتماعي لكافة التفاصيل والمعلومات حول الحياة الشخصية لأفراد الأسرة يجعله قادر على دراسة وتحليل المشكلات التي يتعرضون لها، ووضع الحلول المناسبة لمواجهتها. 

6- لمؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني أهمية كبيرة في دعم الدور الذي تقوم به الخدمة الاجتماعية في المجال الأسري، حيث تقدم لها العون والمساعدة على القيام بدورها تجاه أفراد الأسرة بصورة أكثر فاعلية وكفاءة. 

7- إن درجة الثقة التي يبنيها الاخصائي الاجتماعي بينه وبين أفراد الأسرة تساعده بصورة كبيرة على القيام بدوره بكفاءة وفاعلية، وذلك من خلال التعرف على تفاصيل اكثر دقة عن مشاكل أفراد الأسرة. 

8- تهدف الخدمة الاجتماعية في المقام الأول إلى تهيئة الأسرة من الناحية النفسية والسلوكية والتربوية والاجتماعية بشكل عام نحو الاندماج في المجتمع وبالتالي المساهمة في تنمية المجتمع من كافة الجوانب والمجالات. 


خاتمة:

تعد الخدمة الاجتماعية في مجال الأسرة والطفولة من أهم مجالات الخدمة الاجتماعية العامة، لما تقوم به من دور في دعم استقرار وترابط الأسر ومساعدتها على مواجهة المشكلات التي تتعرض لها وحلها وفق طرق علمية سليمة، وهو ما يعود بالنفع على استقرار وترابط المجتمع كله ومساعدته على استغلال طاقات كافة الأسر التي توجد به في تنمية المجتمع وتطوره في كافة المجالات والأنشطة.

يتمثل الدور الذي تقوم به الخدمة الاجتماعية في مجال الأسرة في دراسة تحليل العوامل التي تسهم في ظهور المشكلات داخل الأسرة، وتقديم الاستشارات النفسية والسلوكية لأفراد الأسرة، والحلول العلمية المختلفة التي تساعد الأسرة على حل مشكلاتها، ووضع وتنفيذ برامج الرعاية والتأهيل لأفراد الأسرة الذين يعانون من مشاكل صحية أو نفسية وسلوكية، ومتابعة تنفيذ تلك البرامج للوصول إلى مرحلة الشفاء، كما تعمل على تخفيف الآثار السلبية التي تنتج عن المشكلات التي تتعرض لها الأسرة. 

يجب على الدولة تقديم الدعم المادي والمعنوي لمنظمات المجتمع المدني التي تختص بشئون الأسرة لمساعدتها على زيادة الدور الإيجابي الذي تقوم به في خدمة الأسر ومساعدتها على حل المشكلات التي تواجهها، ويجب التأكيد أن قيام الخدمة الاجتماعية بدورها بكفاءة وفاعلية في مجال الأسرة يتوقف على درجة الدعم من الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، وحجم الوعي من الأسر بأهمية الدور الذي تقوم به الخدمة الاجتماعية في مساعدتها.


الخدمة الاجتماعية في مجال الاسرة