المهن والحرف القطرية القديمة
تفتخر كل أمة بماضيها وتاريخها العريق وما يشمله من تراث اجتماعي واقتصادي وثقافي وسياسي وذلك لأن هذا التاريخ هو ما يميزها ويضيف لها مكانة خاصة بين الدول التي لها حضارات بين دول العالم، وتعد الحرف التراثية من أهم وأبرز أنواع التراث قيمة بالنسبة للمجتمع والدولة وذلك لأنه يعبر عن مدي الرقي والتطور والابداع والتميز بين الأفراد خلال الفترات المختلفة من تاريخ الدولة ومدي اختلافها وتميزها وقتها عن باقي الدول الأخرى في تلك الحرف. وعند النظر إلى التاريخ القطري نجد أن هناك الكثير من الحرف التي تواجدت وتميزت بقوة في قطر وعلى مستوي الخليج العربي، والتي استطاع بعضها أن يضع لقطر مكانة متميزة ومرموقة من الناحية الاقتصادية بين دول الخليج العربي بأكملها، ولقد تنوعت الحرف القطرية القديمة ما بين الحرف المرتبطة بالبحر كالصيد وصناعة السفن والغوص وغيرها والحرف المرتبطة بالحياة الاجتماعية بينهم مثل التطريز والأزياء الشعبية والعمارة وغيرها، ويعد تسليط الضوء على تلك الحرف من الأمور الضرورية للحفاظ على التراث القطر من عدم الاندثار وتوعية الأجيال الحالية بتاريخهم من كافة الجوانب للتمسك بهويتهم الثقافية والحضارية والتاريخية.
الحرف المرتبطة بالبحر:
1- حرفة صناعة السفن:
لقد ارتبط جانب كبير من حياة القطريين قديماً بشاطئ الخليج العربي فكانت السفن هي سيلتهم للتنقل بين الدول المجاورة والبعيدة وذلك من أجل استيراد وتصدير السلع والمنتجات المختلفة، وهو ما ساهم في الاقتصاد القطري بشكل كبير وقتها، وقد كان يطلق على صناع السفن بمختلفة أشكالها اسم "القلاف" ولقد تخصص الصناع القطريين في صناعة السفن سواء الكبيرة التي تبحر على مسافات بعيدة لتصل إلى أفريقيا والصين والهند وكان يطلق على تلك السفن اسم "السفارة" وقد اتقن القطريون صناعتها وتميزوا فيها وقد استخدموا فيها أخشاب الساج والصنوبر التي تقاوم الرطوبة وبعض أنواع خاصة من فتيل القطن والمسامير والزيوت التي كانت تستخرج من الدلافين وهي كانت تستخدم لتكون بمثابة عازل مائي للسفينة.
كما عرف القطريون صناعة السفن المتوسطة والصغيرة وهي التي كانت تستخدم في الغوص حيث كان يتم استخدامها أثناء البحث عن اللؤلؤ وصيد السمك في مياه الخليج العربي. أيضاً كان يتم صناعة السفن الصغرى والتي كانت تسمي "القلص" أو "الهوري" وهي سفن صغيرة الحجم كانت تستخدم كقوارب للنجاة على متن السفن الكبرى، أو للتنقل بين المسافات القصيرة بين السفن. لقد تخصص بعض صناع السفن في صيانة وإصلاح العيوب التي كانت توجد في السفن، وذلك بالاعتماد على أدوات بدائية بسيطة مثل المطارق والمنشار والمجدح والمنقر والمسن والرندة والجدوم.
2- حرفة الصيد:
لقد ساهم موقع قطر الجغرافي المطل على شاطئ الخليج العربي إلى ازدهار حرفة صيد السمك بها ولقد مارسها السكان الذين يقطنون المدن الساحلية وهو ما وفر لهم مصدر غذاء وفير لهم، ولقد استخدم القطريون طرق مختلفة في الصيد وأبرزها المسكر حيث كان يتم بناء من الحجارة داخل البحر وتدخل السمك خلاله فيتم صيدها. وهي تتم بأحجام مختلفة وتعتمد في الأساس على حركة المد والجزر حيث أنه في حركة الجزر يقوم الصيادين بصيد السمك من خلال قضيب حديدي مدبب من أسفله ويطلق عليها اسم "النيرة" أو من خلال أداة تسمي "الساحلة" وهي عبارة عن شبك يتم تثبيته بخشبتين من الجانب، وهناك الحضرة وكان يتم صناعتها من جريد النخل وحبال الليف.
3- حرفة الغوص:
تعد مهنة الغوص لصيد اللؤلؤ من أقدم المهن التي عرفها المجتمع القطري بشكل خاصة والخليجي بوجه عام، ولقد كانت من المهن المزدهرة قبل اكتشاف النفط في قطر والتي عمل بها سكان المدن الساحلية بها، وكان يتم الاعتماد على السفن المتوسطة في رحلات الغوص لصيد اللؤلؤ، وكانت رحلات الصيد اللؤلؤ تستغرق من أربعين يوماً إلى شهرين وفق مواسم معينة تمتد مع شهور الصيف لكي تتوافق مع الظروف المناخية لمياه الخليج العربي.
وكان الغواصين يعتمد الغواصين على العديد من الأدوات التي تساعدهم أثناء الغوص في البحر وأبرز تلك الأدوات هي "الزبيل" و "الديين" و "الفطام" و "الفلقة" و "الحجر"، وكانت فائدة تلك الأدوات أنها تجعل الغواص يصل للعمق الذي يريده في البحر ويضع اللؤلؤ اذلي يحصل عليه فيها وكي لا تدخل المياه في أنفه أثناء الغوص.
الحرف المرتبطة بالحياة الاجتماعية
1- حرفة الخياطة:
قديماً كان يطلق على الخياط اسم "الترزي"، وهذه الحرفة غيرت كثيراً من سلوكيات واختصاصات المرأة القطرية بعد أن ظهرت في المجتمع وذلك لكون المرأة هي المسئولة عن الخياطة بجميع أشكالها، وكان موقع دكان الخياط في وسط السوق كما كان يطلق عليه اسم "الكرخانة"، وبداخل تلك الدكان ماكينة خياطة تعمل بالأيدي أو بالأرجل ومعها العديد من الأقمشة الرجالية، ولم يحتاج الخياط إلى حراسة لكي تحمي الدكان وذلك لأن السوق كان يحرسه أبناء البلد وكذلك لم يحتاج إلى جدار أو باب وكان يستخدم قطعة من القماش للحماية من تقلبات الجو أو لمنع وصول الأتربة للأقمشة.
ولم يكن هناك غير ثلاثة محلات للخياطة في قطر حتى بداية الخمسينات وكانت متعلقة بملابس الرجال ولم يكن هناك أي محلات خياطة للنساء، وكلن مع مرور الوقت أصبح هناك خياطين للرجال والنساء، وكان الكثير من الناس يفضلون خياطة المرأة عن الرجل وذلك لأنها مهنة نسائية في الأساس لا يعمل بها الرجال في قطر، ودخول الخياط إلى المنطقة أحدث العديد من التغيرات لأن الثبات الجديدة والموضة جاءت على يد الخياط كما أنه ساعد على راحة العديد من النساء.
2- حرفة العكافة:
إن العكافة قديماً كانت هي المرأة المسئولة عن تجهيز وتجميل العروس، ويطلق عليها أسم العكافة، وكانت العروس في الماضي عند تجهيزها للزفاف تكون مخدومة ومكرمة من كافة الأشخاص المتواجدين حولها خاصة يوم الحناء، وقديماً كان تجهيز العروس له تقاليد خاصة وطقوس مميزة تستمر لمدة أسبوع وتلك الطقوس مأخوذة من العادات والتقاليد التي كانت متواجدة في المجتمع وكانت تختلف كثيراً عن الطقوس الحالية للعرس حيث كانت في الماضي تتجمع النساء ويقدمون المساعدة لكي يتم تجهيز العروس دون انتظار أي مقابل مادي من قبل أهل العروس، وكانوا يقيمون العديد من الاحتفالات في بيت العروس، وتأتي العكافة لكي تجهز العروس للزفاف وتضع للعروس كافة أنواع الزينة، ومن أبرز الأدوات التي كانت تقدمها العكافة للعروس "الزباد" وكان لونه أسود ورائحته طيبة و"الديرم" وهو من ألياف بعض النباتات تضعه العكافة لتزين به فم العروس، وكانت تستخدم العطور بكافة أنواعها والبخور والعنبر والمسك والصندل وكافة العطور التي كانت تستخدم في الماضي وكانت تلك هي مهمة العكافة.
3- حرفة تربية الصقور:
إن تربية الصقور في قطر من أهم الهوايات التي يمارسها القطريون وذلك لكونها تغرس في نفوس القطريين العديد من قيم الفروسية والشجاعة، ويتعلمون من خلالها الجد والصبر وبعض فنون المناورة، ويمكن ممارسة تلك الهواية في فصل الشتاء كما أنها تنقسم إلى صيد الصقور وتربيتها وإعدادها، وكل منطقة لها طريقة صيد مختلفة على حسب خبرة كل صياد.
وكذلك هناك طرق عدة للتربية والتدريب ومنها التلويح بفريسة وهمية مربوطة بخيط يأتي إليها الصقر لكي يفترسها، ومن أبرز الأدوات التي يتم صيد الصقور بواسطتها هي البرقع الذي عن طريقه يغطى وجه الصقر والسبوط وهو الرباط الذي يربط به رجلين الصقر، والمنكلة وهي عبارة عن ذراع من خلاله يحمل الصقر على يد مدربه وكذلك المخلاة التي يتم وضع كافة الأدوات بها وأيضاً الفريسة، كما أن هناك أنواع متعددة من الصقور من أبرزها الشاهين والصقر الحر والصقر الوكري.
4- حرفة الخراز:
مهنة الخزار من أقدم المهن التي كانت توجد في المجتمع القطري والتي توارثها الحرفيون، وذلك لأن الخراز في الماضي كانت له أهمية بالغة في المنطقة والأداة التي كان يستخدمها في كل شيء هي الجلود ويقوم من خلالها بصنع العديد من الأشياء التي كانت تنفع الناس، كما أن الخراز هو الشخص الوحيد الذي يتمكن من معرفة تصنيف الأشياء فكان يستخدم كل نوع من الجلود في صناعة شيء معين.
كما أنه يستطيع معالجة الجلود ويتمكن من جعلها صالحة للاستخدام فيقوم في بداية الأمر بتنظيف الجلود من الداخل ثم يقوم بعملية الدباغة للجلود وبعد ذلك تتم عملية شد الجلد حتى يعود الجلد إلى وضعه الطبيعي ويتركه الخراز في ماكن بعيد عن الشمس حتى يجف الجلد وبعد أن يجف الجلد ينظفه الخراز وبذلك يكون صالح للاستخدام، ويقوم الخراز بالعديد من الصناعات من بينها صناعة القرب الصغيرة لحفظ اللبن بداخلها وصناعة محازم الرصاص وصناعة المحافظ بكافة أشكالها وكذلك الأحذية المختلفة.
5- حرفة راعي الأغنام:
في الماضي كان رعي الغنم من الحرف الهامة حيث كان لكل فريج راعي خاص به يسرح به صباحاً ولا يرجع حتى المساء وكان المقابل المادي ضئيل على كل رأس من الغنم، وكان عندما يعود من الرعي يضع "القرطلة" وهي كان يستخدمها في وضع زاده بداخلها في عنق غنم من الأغنام لكي يحضر له صاحبة تلك الغنم الإفطار في اليوم التالي، وكان يرضي بما يقسمه الله له من طعام. وكانت القرطلة معروفة قديماً بين الناس وكان الغرض منها إعطاء الراعي شيئاً بسيطاً من الطعام يضاف إلى الأجر الزهيد الذي كان يأخذه، وكان الناس يؤمنون الراعي على غنمهم لأنها كانت مصدر معيشتهم ويعتمدون عليها في كافة الأشياء في معيشتهم وملبسهم ومأكلهم.
6- حرفة الناطور:
وكان يطلق ذلك الاسم على الحارس الذي تولى مهمة المحافظة على الحي وأمن السكان المتواجدين به، وبعد أن تزايد عدد الحلات والمتاجر في الأسواق أصبح هناك حاجة شديدة لوجود حراس يحرسون المداخل والمخارج الخاصة بالسوق وتولى النواطير تلك المهمة. والناطور قديماً هو الشرطي الذي يبدأ عمله من غروب الشمس حتى مطلع فجر اليوم التالي حيث تتحول مسئولية أمن المحلات إلى النواطير، وكان كافة النواطير قطريين من أهل البلد وقبل المغرب يتوجه الناطور إلى مركز الشرطة لكي يستلم عدته ويسجل أسمه ومكان تواجده.
7- حرفة المطوع:
لا يمكن إغفال دور المطوع أو المعلم قديماً، ففي الماضي قبل افتتاح المدارس كانت يوجد مدارس لتحفيظ القرآن الكريم على يد المطوع وهو إمام المسجد، وكان الإنسان القطري يحافظ على حفظ القرآن ويهتم به ويعلمه لأبنائه، وكان الأجر المادي يدفع للمطوع في نهاية الأسبوع وهو عبارة عن أجر رمزي أو هدية بسيطة على حسب استطاعة الشخص الذي يحفظ، وكان هناك بعض البيوت التي تعلم الفتيات حفظ القرآن على يد المعلمة أو المطوعة.
8- حرفة المجبّر
قبل ظهور المستشفيات وما بها أطباء وأدوية، كان هناك العديد من الأمراض التي تصيب الأشخاص، وكان هناك مجبّر تخصصه هو تجبير الكسور بكافة أنواعها، فهناك الكسور الداخلية مثل كسور الضلوع وكذلك الكسور الخارجية مثل كسر الأيدي أو الأرجل، وكان يختلف العلاج عند المجبّر تبعاً لنوع الكسر فإذا كان الكسر داخلي في الضلوع يقوم المجبّر بإعطاء المصاب علاج يسمى بالموميان وهو علاج عشبي، أما إذا كان الكسر خارجي فيقوم المجبّر بصنع جبيرة عادية للمصاب وهي عبارة عن وضع عيدان وأخشاب في موضع الكسر، وذلك بعد أن يجبر العظم المكسور حتى يرجع إلى موضعه الطبيعي. وكان المجبّر قديما يصنع عكازاً من الحطب لمن كسرت رجله حتى يتسند عليها وتساعده في الحركة، وكان يعالج الإنسان والحيوان، والمجبّر عند تجبير الطفل الصغير يكثر من العيدان ويشد عليه القماش، أما الكبير يضع له شيئاً خفيفاً وذلك لأن الصغير كثير الحركة أما الكبير فيستطيع أن يتحكم في حركته.
الحرف المرتبطة بالصناعة:
1- حرفة صناعة السدو:
تعتبر حرفة النسج وحياكة الصوف من الحرف التقليدية التي كانت منتشرة بصورة أساسية في البادية للمجتمع القطري وذلك لارتباطها بالمواد الأولية التي تستخدم في تلك الحرفة وهي وبر الجمال وشعر الماعز وصوف الغنم، وهي تعتمد على المرأة في المقام الأول براعتها في تلك الحرفة وتميزها. وكانت المرأة تعتمد على عدة أدوات في صناعتها للسدو مثل المغزل والنول أو الميشع وهي عبارة عن عصا صغيرة مغطاة من الأعلى يتم بها غزل الصوف أو الحرير أو أي مادة أخرى تستخدم في النسج، كما كانت توجد عصا يتم بواسطتها رصف الصوف وتسمي "المنشزة"
2- حرفة صياغة الذهب:
يعد صياغة الذهب من القديمة التي كانت متواجدة في المجتمع القطري وقد تطورت تلك المهنة بمرور الوقت لتستخدم مختلف المعادن النفسية من أجل تصنيع الحلى بمختلف أشكالها للنساء، ولقد اشتهر الصياغ القطريون في ابتكار نماذج الموديلات الحديثة التي تساير العصر كما أنهم أبدعوا في صياغة الزينة للنساء من الرأس إلى القدمين.
وكانت الحلي التي تيم وضعها على رأس المرأة تسمي "لوح السعد" و "طاسة الرأس"، بينما الحلي التي يتم وضعها على رأي الفتاة من عمر أربع سنوات إلى ما بعد العشر سنوات فكان يطلق عليها اسم "الهلالي"، بينما الحلي التي كان يتم وضعها في الأذن تسمي "الأشقاب أو التراج" و"الغلوميات" و "الصلوم" و "الكواشي"، والحلي التي توضع في الأنف يطلق عليها اسم "الخشم"، والتي توضع على الرأس تسمي "المرتعشة" والمكلس" و "المرتهش" و "المرية". والحلي التي كانت تصنع وتضعها المرأة على ذراعيها تسمي "الملتفت" و "المضاعد" و "الخوص"، وما يتم وضعه على الكف يسمي "الخاتم" و "الكف" و "المرامي".
كما كان الصايغ يقوم بنصاعة الزينة التي توضع على السيوف والخناجر وسلاسل المفاتيح والساعات وغيرها من الأدوات. وتعبر كافة تلك الأشياء التي يصنها الصياغ وقتها عن مدي التطور في مهنة الصياغة وشموليتها لكافة المعادن النفسية من الذهب وغيرها، فهي لم تقتصر على جانب معين من زينة المرأة أو من الأدوات ولكنها شملت كافة أنواع الحلي والزينة التي غطت كافة احتياجات الأفراد في المجتمع القطري وقتها.
3- حرفة البنّاء:
شهدت حرف العمارة في قطر تطور وازدهار كبر ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة في العديد من المباني التي تتواجد إلى الآن في دولة قطر من المساجد والأسواق والقصور القلاع والأبراج العسكرية التي تدل على مدي الاتقان بالنسبة لمعماري القطري سواء في البناء أو روعة التصميم. لقد فرض مناخ قطر وتضاريسها على المعماري القطري البناء باستخدام مواد معينة من الحجارة التي كان يتم استخراجها من ساحل البحر وفوق سطح الأرض، وكان يتم استخدام الطين لصف الحجارة فوق بعضها البعض، ولتغطية السقوف والجدران الداخلية والخارجية للمباني، وكان المعماريون القطريون يستخدمون الطوب النيء في حالة عدم توفر الحجارة في عملية البناء. ومع تطور الوقت أدخل المعماريون القطريون بعض المواد الجديدة في عمليات البناء مثل مادة الجبس التي حلت مكان الطين فكان يتم تغطية الجدران بها، كما تم استخدام بعض أنواع الخشب في سقوف المباني.
ويظهر إبداع المعماريون القطريون في البناء في جعلهم النوافذ ضيقة بصورة نسبية وهي في الأغلب تكون مستطيلة الشكل وذلك من أجل الحد من انتشار أشعة الشمس الحارة، وكان يتم بناء نوافذ مطلة على الحوش داخل المنازل للتهوية بجانب فتحات صغيرة للتهوية توجد في الحجرات العلوية ولا يتم بنائها في الحجرات السفلية، وهو ما ساهم في جعل المنازل والمباني التهوية بها جيدة للغاية ولا تحفظ الحرارة بشكل كبير. ولم يكن يتم التعاقد مع البنّاء على عملية البناء وفق عقد وشهود وأجرة محددة لم كان يتم التعامل معه باعتباره أجير يأخذ أجرته هو ومن يعمل معه بصورة يومية، وكان يقوم البنّاء بوضع القياسات وتحديد الأشياء من المواد ومستلزمات البناء ويقوم صاحب المنزل أو المبني بشراء كافة تلك الأشياء، وبعد احضارها يتولى البنّاء ومساعديه عملية التحضير للبناء.
4- حرفة الحداد:
كانت مهنة الحداد في الماضي لها أهمية كبيرة فغي المجتمع وذلك لكونه الشخص الذي يقوم بصناعة الأشياء من "الدفرة" إلى "الهيب"، والمعروف أن الدفرة أكبر من الإبرة قليلاً أما الهيب فهو قضيب صلب من الحديد يستعمل في كافة أنواع الحفر، وكان الحداد قديماً صديق لكافة الطبقات والفئات لكون الحدادون مجموعة متكاملة ومتألفة متواضعين في شكلهم فهو ليس مرتباً ويتوحدون من خلال صنعتهم وكان مكانهم في الأغلب قريب من البحر.
وكان أول موقع للحدادة في قطر بجوار السوق الداخلي بعد ذلك انتقلوا إلى سوق القيصرية الذي يسمى الآن باسم سوق واقف وأصبح الآن مكانهم في المنطقة الصناعية، والحدادة جعلت من أصحابها عائلة واحدة يسكنون في حياً واحد ويطلق عليهم اسم عائلة الحداد وهم من أهل قطر الذين قامت على أيديهم العديد من الصناعات مثل صناعة السيوف والخناجر والمسامير بكافة أنواعها وكذلك التركابة التي كانت تستعمل في وضع القدر عليها، وأدوات الكي بجميع أنواعها والكثير من الأشياء الصغيرة والكبيرة الأخرى على حسب رغبات الزبائن، ومن أسياسيات مهنة الحدادة الفحم والشنادر وهو عبارة عن بودرة لونها أبيض يقوم الحداد برشها على النار لكي يصبح لونها مثل لون قوس قزح، ويقوم الحداد ببناء عريشاً لكي يحميه من الشمس.
الخاتمة:
امتلك المجتمع القطري قديماً مجموعة واسعة من الحرفيين والصناع في مختلف المجالات والأنشطة التي أثرت الحياة الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع القطري، كما تميز القطريون في حرفة صناعة السفن وهو ما يظهر بوضوح في صناعتهم للسفن الكبيرة المستخدمة في السفر للدول الأخرى البعيدة، والسفن المتوسطة والصغيرة المستخدمة في الصيد والغوص وغيرها من الأنشطة البحرية، كذلك فقد ساهم براعة القطريون في حرفة الغوص لصيد اللؤلؤ في ازدهار تجارة وصناعة اللؤلؤ في دولة قطر قديماً. عرف القطريون منذ القدم بعض المهن الهامة التي ساهمت في حفظ الأمن بشكل كبير في المجتمع القطري وهي مهنة الناطور الذي كان يقوم بحراسة الأسواق والمحلات التجارية، وهناك بعض الحرف التي أظهرت مدي الترف الاجتماعي للأفراد في المجتمع القطري وهي مهنة الصايغ الذي كان يستخدم الحلي بمختلف أنواعه، كما أظهرت العمارة القطرية القديمة مدي البراعة والتميز من المعماريون والبنائيين القطريون في بناء المنازل ومختلف المباني بسيطة الشكل وتضمن لهم تفادي حرارة الجو، أيضاً لم يقتصر دور المرأة قديماً على تربية الأبناء بل كانت لها مشاركة في بعض المهن وأبرز المهن التي شاركت فيها المرأة القطرية وتميزت فيها هي مهنة صناعة السدو والعكافة والخياطة.