إن رواية "عائد إلى حيفا" من تأليف الأديب العظيم غسان كنفاني هو كاتب فلسطيني الأصل. ولد غسان كنفاني عام 1936 وتوفى عام 1972. ويعتبر غسان كنفاني أحد أشهر الكتاب والروائيين في القرن العشرين لما له من مؤلفات عديدة أثرت اللغة والتراث العربي. ولغسان كنفاني العديد من الروايات أشهرها رواية "عالم ليس لنا"، "عائد إلى حيفا"، الشيء الأخير"، "العاشق"، "ما تبقى لكم"، "القميص المسروق"، "عن الرجال والبنادق"، "أم سعد"، "أرض البرتقال الحزين"، "قرار موجز"، ورواية "رجال في الشمس". كتب غسان كنفاني رواية "عائد إلى حيفا" عام 1969 ليجسد فيها مدى اشتياقه الشخصي للعودة إلى بلده.
شخصيات "رواية عائد إلى حيفا":
سوف نتعرف معًا فيما يلي أهم شخصيات رواية عائد إلى حيفا وهما كما يلي:
1- سعيد:
هو بطل الرواية وهو رجل فلسطيني مر بتجربة قاسية عن الظلم والقهر والحرمان من وطنه وظل مشرداً هو وعائلته الصغيرة بسبب ظروف الحرب التي كانت تمر بها البلاد عام ١٩٤٨.
2- صفية:
هي زوجة سعيد فلسطينية الاصل عانت مع زوجها مأساة الحرب ونظراً لظروف هذه الحرب عاشت هي وزوجها لاجئين من بلد إلى بلد.
3- الطفل الصغير خلدون (دوف):
خلدون هو ابن سعيد وصفية كان وقت الحرب طفل رضيع لا يتجاوز عمره خمسة أشهر، أثناء معركة حيفا تركته أمه في البيت خوفا عليه من الحرب للبحث عن أبيه ويهاجرون مع بعض الأسر خوفا على حياتهم.
تلخيص رواية "عائد إلى حيفا":
بداية أحداث الرواية:
تدور أحداث الرواية حول عائلة فلسطينية عاشت حياتها لاجئين من بلد إلى بلد بسبب ظروف الحرب التي كانت تمر بها البلاد عام ١٩٤٨ م كانت معركة حيفا الشهيرة. أثناء هذه المعركة تركت صفية ابنها خلدون الطفل الرضيع عند أحد الجيران بحثاً عن زوجها سعيد لترك المدينة بسبب ظروف الحرب خوفا على حياتهم، وبعدها لم يتمكنا سعيد وزوجته صفية من العودة لإحضار طفلهم خلدون وبالفعل غادروا البلاد بدون طفلهم خلدون، وعاش خلدون وترعرع في منزل سكنت فيه أسرة يهودية برام الله.
العودة إلى حيفا والحنين للوطن:
ظلت عائلة خلدون على أمل الرجوع إلى بلادهم مرة أخرى لرؤية طفلهم والبحث عنه في كل مكان، فعند عودتهم في الطريق إلى حيفا كانوا يرون أن كل شيء تغير تماما أثناء عودتهم وشعورهم بمدى الذل والاهانة التي تعرضوا لها في طريق عودتهم إلى حيفا. كانت تسيطر على سعيد وصفية مشاعر الحزن والغضب عندما شاهدوا مدينتهم أصبحت محتلة، وكان يراودهم حلم أثناء عودتهم بإيجاد ابنهما خلدون الذي أصبح شابا في ذاكرتهم والرغبة في استعادته لهم مرة أخرى. كانوا يحفظون الأماكن وأسماء الشوارع حتي لو كان تم تغييرها إلى أسماء أخرى، ويقول سعيد تبديل الأسماء إلى مسميات أخرى لا يسقط حق الملكية في أرضهم ووطنهم.
رحلة البحث عن خلدون:
بدأ سعيد وصفية يبحثون عن خلدون في كل مكان وكل بيت ووجدوه بالفعل عند عائلة يهودية، حيث أصبح خلدون شاب وقد تغير اسمه إلى دوف وكان وقتها ضابط في جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي تعلم وتأسس بالعقائد الصهيونية، وتقابل مع والديه لأول مرة بالبدلة العسكرية، فكانت هذه اللحظة من أصعب المواقف التي مر بها سعيد بين الماضي والحاضر، وعندما علم خلدون (دوف الصهيوني) الحقيقة رفض الرجوع إلى عائلته وفضل أن يكون بجانب الأسرة التي ترعرع معهم وتبنته وقت الحرب.
تأنيب وندم سعيد لفراق وطنه:
ومن هنا ظل سعيد يلوم نفسه بأنه كان لا يجب أن يترك وطنه ابدا مهما حدث، وكان يقول إن أكبر جريمة يرتكبها الإنسان في حق نفسه أن يترك وطنه ويهرب لاجئا إلى بلاد أخرى، وندم سعيد ندماً شديداً على قرار الهجرة حتى لو كان مجبرا على هذه الهجرة وكان يؤنب أيضًا زوجته صفية.
وكان سعيد يلوم نفسه دائماً بأنه كان لا يجب أبداً أن يتركوا خلدون وبيوتهم ووطنهم من الأساس حتى لو كانوا تعرضوا لضغوطات عديدة بسبب الحرب، واستمر سعيد يقول لزوجته صفية بأنه كان يجب التمسك بالأرض والوطن والبيت والعائلة وأن يحميهم ويدافع عنهم بروحه ودمه وهذه هي الحقيقة التي توصل إليها في النهاية ولكن بعد فوات الأوان، فكانت أمنية سعيد الدائمة بأن يتغير هذا الواقع المرير وعودة أراضيهم وانتهاء هذا الاحتلال الصهيوني في يوماً ما.
تحليل ونقد الرواية:
تدور الرواية حول الحالمين بالعودة إلى الوطن وتحمل ظروف الحرب أيا كانت الخسائر التي من الممكن أن تواجههم أثناء المعركة. وكذلك تدور أيضاً حول الندم الشديد لترك ديارهم واللجوء إلى البلاد الأخرى، ولو عاد بهم الزمن مرة أخرى كان وقع الاختيار بأن لا يتركوا بلادهم مهما حدث ولابد التشبث بها حتى لو كان في المقابل فداء الوطن والولد بدمه. كما وصف الكاتب وصف عميق عن المشاعر والمعاناة الصعبة التي يمر بها الفلسطينيون للبقاء في بلدهم وحمايتها من كل دخيل، فهي مشاعر صلبة ليس من الممكن مقاومتها بالرغم من قسوة الاحتلال الصهيوني.