تناقش تلك المقالة نقد صورة المرأة في الدراما والأفلام حيث يعتبر ذلك الموضوع من المواضيع التي تشغل الكثير حيث تم تقديم صورة المرأة في العديد من الأفلام مثل قصر الشوق، الزوجة الثانية، تيمور وشفيقة، وفتاة المصنع. لقد المرأة قد حققت تقدم كبير في الكثير من المجالات كالمجال الاقتصادي والمجال السياسي، ولكن هذا التقدم الذي حققته المرأة في الكثير من المجتمعات مازال الكثير لم يعترف به، فقد مازالت وسائل الإعلام المختلفة تكرس النظرة الدونية للمرأة وتواصل فصلها عن العالم الذي يعطي الأولوية للرجل والعمل علي حصرها في أنماط من السلوكيات الرجعية. فإنه لا زالت الصورة التي تقوم بتقديمها وسائل الإعلام المختلفة عن المرأة العربية تمثل المرأة التقليدية، فإنه علي الرغم من التحول التدريجي لدور المرأة في مختلف وسائل الإعلام من حيث التمثيل والمشاركة في صناعة الصورة الإعلامية المناسبة عنها، إلا أن ذلك لم يأخذ الصورة النهائية والتي تكون مقبولة في جميع الأقطار العربية، وذلك نظراً لكون الكثير من المجتمعات تركيباتهم ما زالت تعمل بالنظام القبلي والعشائري، فإن الخوف الحقيقي لدور المرأة في السياسة يظهر في جملة المنظومة الاجتماعية والدينية والتاريخية للأمة العربية وشعوبها.
نقد معاناة المرأة من النظرة التقليدية القديمة:
على الرغم مما حققته المرأة العربية من تقدم ملحوظ على مستوى العمل الإعلامي وقيامها بتمثيل قضايا المرأة في وسائل الإعلام المختلفة، إلا أنه يوجد العديد من التيارات الاجتماعية التي يوجد لها ارتباطات قبلية وعشائرية فضلاً عن النظرة التقليدية لبعض النساء والتي مازالت رافضة مبدأ حرية المرأة في قيامها بتولي المناصب الإعلامية وحريتها في التعبير عن قضاياها من الواقع الذي تعيشه. فإنه على الرغم من تباين مكانة المرأة في الكثير من المجتمعات العربية إلا أن معظم الأفكار التي تكون سائدة في معظم المجتمعات عن المرأة سواء موجودة في عقلية الكثير من الرجال أو موجودة في وسائل الإعلام المختلفة حيث أنها تكون متناقضة بشكل كبير مع الموقف المعلن للكثير من الدول العربية.
نقد صورة المرأة في الأفلام بشكل عام:
إن صورة المرأة العربية في الأفلام قد تتعرض إلى الكثير من التشوهات والإسقاطات، حيث أن هذه الأفلام تكون مباينة بشكل كامل للواقع التي تعيشه المرأة، فإن الكثير من الأفلام لم تكن عابئة بخطورة ما تقوم بتقديمه أو رسمه لصورة غير حقيقية للمرأة، فقد سببت الأفلام حرج وانزعاج شديد للمرأة وذلك نظراً لما يعرض عنها للعالم بصورة مغايرة للواقع الذي تعيشه. إن الكثير من الأفلام يكون هدفها الأكبر هو القيام بتغيير صورة المرأة بشكل عام، فإن الكثير من الأفلام تدور أحداثها حول إظهار دور المرأة في المجتمع ولكن البعض منها لم يظهر دور المرأة العربية الإيجابي وتقوم بإظهار أدوار المرأة من منظور تقليدي، فقد يغلب على الكثير من الأفلام طابع غير سليم حيث تقوم بإظهار السلبيات التي تتم في المجتمع، كما أن الكثير من تلك الأفلام تتناول إظهار صورة الأم أو الأخت أو الزوجة بشكل سلبي فتظهرهم بالضعف والفساد وهذا ما يبتعد بشكل كامل عن الواقع والحقيقة.
فإن من خلال أحد الأفلام التي شاهدتها قد وجدت أن فكرة هذا الفيلم تدور حول فكرة استغلال المرأة بشكل غير مشوه، فقد تدور فكرة هذا الأفلام عن قصة رومانسية عن أحد الشخصيات المشهورة في المجال الذي تعمل به، فقد تتمتع هذه الشخصية بقدر كبير من الجمال والذي يعد نقطة هامة في حياتها تضعها في الكثير من المشكلات فقد تتعرض في حياتها إلى الكثير من المواقف بسبب كثرة المعجبين لها والتي تسبب لها الكثير من المشاكل. فإن هذا العمل الدرامي يوضح أن صورة المرأة قد تتعرض للكثير من التشوهات حيث أن الكثير من الأفلام تظهر صورة عنهم مختلفة تماماً عن الواقع الذي يعيشوه وذلك لكي يتم الحصول علي ربح كبير، فإن المرأة العربية التي تقوم بتقديم هذه الصورة في السياق الدرامي لم تكن مدركة خطورة ما تقوم بتقديمه من صورة غير حقيقية عن المرأة.
إن تحليل سبب استغلال المرأة في الأفلام بهذه الصورة الغير صحيحة عنها يظهر أن ذلك الاستغلال يهدف للحصول على الربح الكبير، فإن الأفلام قد عملت على استغلال المرأة بشكل مادي كبير قد جعل المرأة العربية تشعر بالإحراج الشديد من استغلال صورتها بهذا الشكل المسيء لها أمام العالم لإظهار هذه الصورة بشكل سلبي ومغاير للحقيقة والواقع الذي تعيشه المرأة في المجتمع. فعند النظر إلي الجانب الأخلاقي في بعض الأفلام قد نجد أنها تكون سلبية بشكل كامل حيث أنها تعمل علي تهميش دور المرأة الإيجابي والذي يكون من الطبيعي أن يتم إظهاره للعالم، إلا أننا قد نرى أن ما تقوم بعرضه الأفلام اليوم لا يمثل الواقع الذي تعيشه المرأة العربية في العصور الحالية، فقد شوهت الأفلام صورة المرأة بشكل كبير فقد أظهرت صورتها بأنها امرأة ضعيفة ومنكسرة ومظلومة دائماً، والكثير حولها لا يحترموها، فإن الصورة الخاطئة التي تظهرها الأفلام عن المرأة تعتبر مخالفة تماماً للمجتمع الإسلامي نظراً لكونه عزز المرأة ورفع من مكانتها ودعي كثيراً لاحترامها والحفاظ عليها.
وفي بعض الأفلام يتم إظهار صورة للمرأة مخالفة للواقع الذي تعيشه حيث تظهر بأنها امرأة قوية ومتسلطة ولا يوجد لها مبادئ وأخلاق ومتحررة بكل ما هو فاسد، فإن هذه الصور التي تظهرها الأفلام عن المرأة قد أثرت بشكل كبير على الكثير من المجتمعات وعلى المرأة بشكل خاص. فإن ما يظهر في الأوقات الحالية من قيام المرأة بمتابعة كل ما هو جديد في الموضة ومحاولتها لتقليد الكثير من الظواهر السلبية، فتكون هذه التصرفات ناتج عما يتم عرضه في الأفلام، فيحاول الكثير من الفتيات القيام بتقليد كل ما يشاهدوه عن المرأة في الأفلام اعتقاداً منهم بأن هذه هي الصورة التي لابد وأن تكون الصورة الحقيقية عن المرأة في المجتمع.
نقد صورة المرأة في فيلم قصر الشوق:
إن الطريقة التي يتم بها تصوير المرأة العربية تكون مختلفة من عمل درامي إلي عمل أخر، فإن هذا الاختلاف يكون بسبب البيئة الاجتماعية التي يدور حولها أحداث هذا العمل الدرامي، فإن الكثير من الأعمال الدرامية تقوم بالتعبير عن معاناة المرأة وعدم حصولها علي حقوقها بشكل كامل مقارنة بالرجال في المجتمع الذين يحصلون علي حقوقهم كاملة وأيضاً تعديهم علي حقوق المرأة، فسوف أقوم بتوضيح صورة المرأة في الأفلام عن طريق أحد الأعمال الدرامية المشهورة علي مستوى العالم، والتي تعكس صورة المرأة العربية في المجتمع بشكلها الصحيح والتي توضح معاناتها الكبيرة في فترات قديمة من التاريخ وهي رواية نجيب محفوظ والتي تم تحويلها إلي ثلاثة أجزاء فسوف نتحدث عن صورة المرأة في جزء هام منها وهو فيلم (قصر الشوق)، فقد تدور أحداث هذا الفيلم حول العلاقات الاجتماعية التي تنشأ بين الزوجة وبين أولادها وزوجها، فإن هذا الفيلم يعكس صورة المرأة في الواقع بشكل كبير حيث يظهر ما تعانيه المرأة في حياتها.
فإن في هذا العمل الدرامي كانت المرأة مسٌخرة بشكل كامل لخدمة البيت وخدمة زوجها حيث كانت تتعب كثيراً في عملها هذا، فقد كانت تحترم زوجها كثيراً ولم تجلس بجانبه فقد كانت تجلس علي الأرض حيث كانت ترى في ذلك احترام كبير له، فإن بذلك المعاناة قد أصبحت حياة أمينة واقفة علي خدمة زوجها، فقد كانت البطلة في ذلك الفيلم تجسد صورة المرأة النمطية والتي تمثل الأنوثة ولكن من حيث الضعف والسلبية والسذاجة والاستسلام، فقام هذا الفيلم بعكس صورة المرأة في المجتمع من هذا الجانب فقط، وهي صورة المرأة التي تقوم بخدمة زوجها وإرضاؤه وتميزها بصفات الخدم المطيعين الضعفاء، ولكن في نفس الوقت عكست صورة المرأة العربية التي تتميز بصفات الأسياد من قوة إيجابية وعقل وحزم وحكمة، فقد جسد ذلك العمل الدرامي صورة المرأة التي تعتبر أبنة المجتمع الأبوي المتمثلة لموروثه والتي تكون صادرة عنه.
تدور أحداث هذا العمل الدرامي على قيام الزوجة بانتظار زوجها في وقت متأخر حتى تقوم بتحضير الطعام له والعناية به جيداً وأيضاً نهوضها من اليوم في الباكرة لتحضير الفطور لهن فقد كانت الزوجة طيلة الوقت تقوم بخدمة زوجها وبيتها بشكل كامل، فقد كانت حياتها بشكل كامل مسخرة لخدمة زوجها وبيتها ولم تنظر لنفسها ولو بشكل بسيط.
أبرز العادات المتعلقة بالمرأة في فيلم قصر الشوق:
إن الكثير من العادات التي تتعلق بالمرأة والتي كانت منتشرة بشكل كبير في الأزمان القديمة والتي قام بتوضيحها هذا العمل الدرامي بشكل كبير وهي عدم قيام الرجل برؤية المرأة قبل الزواج منها فقد كانت هذه العادة منتشرة بشكل كبير قديماً ومازالت منتشرة في بعض المجتمعات العربية حتى وقتها هذا، ومن العادات أيضاً عدم المساواة بين الرجل والمرأة حيث كان يتم تفضيل الذكور علي الإناث ومعاملتهم بطريقة أفضل من المعاملة التي كان يتم بها معاملة الإناث، فقد كان يتمتع الذكور بجميع حقوقهم علي عكس الإناث فقد كان يتم حرمانهم من الكثير من حقوقهم وهذا ما شكل معاناة كبيرة علي المرأة في المستقبل.
الربط بين الفيلم ونظرية تتعلق بالمرأة:
تعرف النظرية النسوية بأنها الاعتراف بحقوق المرأة العربية وإعطاءها فرص متساوية مع الرجل، حيث يتم ذلك في الكثير من المستويات العلمية والعملية في الحياة وذلك باعتبار انه تم إقصاء المرأة منها، كما تعرف أيضاً بأنها النظرية التي تنادي بتحقيق المساواة والعدل بين الرجل والمرأة وذلك بشكل خاص في المجال السياسي في المجتمعات وأيضاً المساواة بينهم في المجال الاجتماعي والاقتصادي، فإنها تكون عبارة عن حركة سياسية تسعى إلي إعطاء المرأة الكثير من حقوقها وتمتعها بالاهتمام الكبير من الغير والقضاء علي جميع مظاهر التمييز التي توجد في الكثير من المجتمعات بينها وبين الرجل.
تعتبر النظرية النسوية من أكثر النظريات وأشهرها حديثاً عن المرأة، فقد نادت هذه النظرية بضرورة إعطاء المرأة حريتها والقيام بالمساواة بينها وبين الرجل في جميع المجالات في المجتمع، كما تنادي أيضاً بعدم التفرقة بين الجنسيين في الأفلام والمجال الإعلامي بشكل عام فإنه من الضروري أن يتم احترام المرأة مثلما يتم احترام الرجل. كما تنادي أيضاً بضرورة إظهار الصورة الحقيقية للمرأة في الأفلام الدرامية وعدم استغلال المرأة بشكل مادي وإظهار صورة مغايرة للواقع الذي تعيشه وذلك من أجل الحصول على المال وعدم النظر إلى الفكرة السيئة التي سوف يعرفها العالم والمجتمعات الأخرى عن المرأة الخليجية.
لقد دافعت النظرية النسوية بشكل كامل عن المرأة وعن حقوقها وصورتها في المجتمع، فقد أظهرت الكثير من الحقوق التي لابد وأن تتمتع بها المرأة في المجتمع الذي تعيش به، فقد تحدثت النظرية من جانب وسائل الإعلام المختلفة بشكل عام وقامت بالتركيز علي الأفلام وما تقوم بعرضه عن المرأة من صورة مغايره للواقع الذي تعيشه، فقد أظهرت دور المرأة الحقيقي في المجتمع والذي يكون من الضروري أن يتم عرضه علي شكل فيلم يعرض أدوار المرأة وشخصيتها الحقيقية في المجتمع للعالم بأكمله لكي يتم التعرف علي شخصية المرأة الحقيقية ومحاولة إعطاءها حقوقها كاملة وعدم استغلالها من أجل كسب المال.
الخاتمة والرأي الشخصي:
في الحقيقة، أرى من وجهة نظري أن الإعلام العربي لا ينظر بحيادية إلى المرأة العربية حيث أنه في غالبية الأمر هو موجه فهو يمثل الهيمنة والسيطرة بهدف التأثير على شخصية المرأة العربية، كما أن الأعمال الدرامية لا تهدف إلى تغيير نمط المرأة العربية بين ليلة وضحاها إلا أنه يعمل على تغيير المعتقد وهذا يحتاج إلى فترة زمنية ممتدة وذلك حتى يتم هذا التغيير وفق قناعات محددة. فالمتابع لهذه الأعمال الدرامية يجد أن تلك الأعمال تكرس في الأذهان المرأة الغربية بالنظر إليها على أنها هي النموذج القدوة لمن أراد النهوض والتطور بالمجتمع من حوله ولا ينظر إليها على اعتبار أنه نوع من التقليد والتبعية الممقوتة والتي تلغي موروث الثقافات الخاصة بنا. وللأسف لقد نجح الإعلام الموجه في كثير من الأحيان في أن يجعل المرأة تعيش في فراغ فكري حيث أنها لا تنظر بتوازن في كثير من الأمور المهمة حيث أنها جعلت الجمال فقط منصباً على شكل المرأة حيث أن هذا الجمال المظهري أصبح هو الغاية والمبدأ الذي تسعى إليه المرأة اليوم فهو الشغل الشاغل لها طوال الوقت والذي هي تعيش من أجله فلقد حرم هذا الإعلام المرأة من المشاركة الفعالة في بناء أمتها ونهوض مجتمعها فكرياً واقتصادياً.
الخاتمة:
وختاماً نستطيع أن نقول إن هذا الإعلام الموجه قد استغفل الفراغ الفكري الذي تعاني منه المرأة العربية فبدأ بالهجوم عليها فبدلاً من مساهمته في الارتقاء بفكرها نحو آفاق أشمل لنهضة المجتمع من حولها نجده قد ساهم أكثر في تهميش هذا الفكر وتعدى هذا إلى تعامله معها على اعتبارها جسداً فقط. فالمتابع لعدد الساعات الكثيرة في الإعلام العربي المخصصة للبرامج التافهة سيذهل من هذا الكم الهائل من برامج الموضة والأزياء فضلا عن برامج التخسيس والبرامج المهتمة بالإكسسوار ناهيك عن عمليات التجميل حيث أنها تهدف أن تظهر المرأة في أفضل شكل، فهذا الأمر إن دل فإنما يدل على نظرة الإعلام العربي للمرأة حيث أنه يراها مجرد وجه وجسد جميل فقط لا غير وهو يساهم في إماتة روح الفكر والعقل والفهم أيضا.