تعتبر التكنولوجيا منجز هام من المنجزات الحضارية التي تلت التقدم الصناعي والثورة في مجال التصنيع والابتكار العلمي، ولأن الصناعات التكنولوجية تحتاج لرؤوس أموال ضخمة فإن الشركات العالمية الكبرى تولت المهمة بإنشاء كيانات عالمية كبرى لصناعة وتسويق التكنولوجيات الخاصة بها بكل ما يطرأ عليها من تطورات، فكل يوم هناك اكتشاف جديد وتقنية حديثة. وتعد شركة سامسونج إحدى تلك الشركات والكيانات الاقتصادية الضخمة والتي سوف نتحدث عن نبذة عنها في السطور التالية.
معلومات عن شركة سامسونج:
إن شركة سامسونج "Samsung" هي شركة متخصصة في صناعة الإلكترونيات تأسست في كوريا الجنوبية على يد " لي بيونغ شول " في 1 مارس 1938 م، وهي شركة عالمية كبرى لها مكاتب في 58 دولة، متخصصة في صناعة أجهزة الاتصالات وشاشات الحاسوب وهي ثاني أكبر منتج للهواتف المحمولة بعد شركة نوكيا. وقد ظهرت سامسونج في عالم صناعة الإلكترونيات منذ أن تم تأسيسها كمنافس قوي ومهيمن على جانب كبير من السوق العالمي حيث تركز على مفهوم " التقارب الرقمي " بحيث يتم ربط الأشياء عبر الشبكات الرقمية سواء عبر الأجهزة المنزلية أو أجهزة الهاتف المحمول حيث تقدم أحدث الابتكارات الرقمية في العالم وهي أكبر مصنع لشاشات الحاسب الآلي عالمياً.
ورغم النمو المتسارع والمركز المتقدم لشركة سامسونج إلا أنها لازالت تطمح في تقديم منتجات وخدمات عالية الجودة تساهم في تعزيز نمط الحياة الذكية لدى عملائها حول العالم. ولأن منتجات الشركة بداية من الهاتف المحمول والهواتف الذكية وأجهزة اللاب توب وشاشات البلازما النقية لا غنى عنها في حياتنا اليومية فإن دراسة شركة سامسونج وتحليل سوات لها ودراسة حالة الحملة الإعلانية لها داخل دولة قطر أمر مهم لعرض أوجه المنافسة لها واستمرارها بالسوق المحلي القطري. وكانت بدايات شركة سامسونج لصاحبها بيونج شول لي بداية لا يمكن تصديقها حيث بدأت كمتجر لبيع الأرز والسكر عام 1938 م سمي " سام-سونج" ومعناه بالكورية " النجوم الثلاثة " ويقصد بها ثلاثة مبادئ رئيسية وهي:
- أن تصبح شركة كبرى.
- أن تصبح شركة قوية.
- أن تبقى للأبد.
وهذا ما حدث بالفعل عندما بدأ بيونج ينتبه لاستهلاك التكنولوجيا فدخل مجال تصنيع أجهزة التلفزيون والغسالات والثلاجات بشكل مبتكر غزا العالم وشهد نشاط الشركة تطور سريع كان مثار إعجاب حيث بدأت بصناعة التلفزيون الأبيض والأسود وتطورت حتى أصبحت تنتج أحدث الأجهزة اللوحية المحمولة في العالم. وكان طموح شركة سامسونج ومالكها يؤهلها دائماً لحصد مكانة أكبر حيث تضم خطة الشركة للعام 2020م رغبة في الوصول لتحقيق أرباح سنوية تتجاوز 400 مليار دولار، واحتلال مرتبة بين أفضل 5 شركات عالمية وذلك عبر تحقيق مبادئ الإبداع.
تحليل سوات (SWOT) لشركة سامسونج:
نقاط القوة لدى شركة سامسونج:
حققت شركة سامسونج نمو هائل وطفرة اقتصادية وهو ما يكشف عن نقاط قوة جعلتها تصبح من أقوى الشركات على مستوى العالم، ويمكن إجمال تلك النقاط في التالي:
1- التركيز على الخطط بعيدة الأمد: طورت شركة سامسونج من تفكيرها ونظرتها للمستقبل لتتحول من وضع خطط قصيرة الأمد إلى أن تضع خطط بعيدة الأمد وصلت للعام 2020 م، فقامت بإنتاج منتجات عالية الجودة وتطوير مواردها وخططها البحثية من أجل الوصول لمزايا وجودة عالية.
2- الالتزام بجودة التصنيع: التصنيع في شركة سامسونج من أهم نقاط القوة لديها حيث ركزت الشركة جهودها على التصنيع الداخلي وعدم الاعتماد على موردين خارجيين وخاصة في مجال تطوير الشرائح، واستثمرت الشركة ما بين عامي 1998 و2003 ما يقرب من 19 مليار دولار في بناء مصانع جديدة لمعالجة الشرائح. وذلك يؤكد على إصرار الشركة على المنافسة وهو ما وفر للشركة ميزات تنافسية تشمل خفض التكاليف وتأمين الموارد وبالتالي لا تصبح تحت تأثير السوق وتغيراته.
3- مرونة توزيع المصانع ومراكز الشركة: تمتاز شركة سامسونج بنقطة قوة أخرى وهي حرصها على توفير مصانع لها في دول تقترب منها كالصين والهند للاستفادة من العمالة الرخيصة والاستفادة من توفير تكاليف الشحن والنقل الباهظة. وذلك سمح لها بفرصة التعامل مع الشركات الكبرى بحيث تعتبر نصف مبيعات الشركة من شرائح الذاكرة العشوائية التي تطلبها منها الشركات الكبرى " مايكروسوفت ونوكيا ".
4- التركيز على صناعة الأجهزة والابتعاد عن البرمجيات وتنويع وتوسيع نشاطها: كانت لمحة ذكية من شركة سامسونج عندما اتخذت القرار في عدم المنافسة في مجال انتتاج البرمجيات التي تخضع لكارثة القرصنة وضياع حقوق الملكية الفكرية وركزت جهودها على صناعة الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والحواسيب وأجهزة التلفزيون، وتسعى لتطوير الصناعة وتقديم منتج أفضل وتفادى عيوب التصنيع، وأيضاً تهتم بتنويع المنتجات الخاصة بها فهي تنتج أجهزة تلفزيون وهواتف ذكية وشرائح ذاكرة عشوائية وفلاشات ومشغلات MP3 ومشغلات DVD وغيرها من المنتجات الإلكترونية. وهي الأفضل في إنتاج المعالجات وذاكرة الحاسبات وذاكرة التخزين في الكاميرات حيث تفوقت على شركة إنتل في صناعتها ونافستها في السعر أيضاً.
5- التركيز على الجهود التسويقية والحملات الإعلانية: تضع سامسونج استراتيجيات تسويق منظمة بهدف لفت النظر لها كعلامة تجارية فقامت بتعيين موظفي تسويق محترفين، وقامت برعاية دورة الألعاب الأوليمبية في سؤول الكورية للفت النظر، وقبل عام 2001 كانت شركة سامسونج تستخدم وكالات إعلان حول العالم بحيث تعلن عن منتجاتها بشعارات مختلفة ولكنها مؤخراً عينت وكالة " Foote, Cone & Belding FCB" لتتولى مهمة التسويق للشركة حيث ضخت أموال وميزانيات تسويقية ضخمة، واهتمت باستراتيجيات التسويق والاهتمام بالعملاء والتعرف على حاجاتهم، حيث أصبحت وظيفة التسويق رئيسية في الشركة.
نقاط الضعف لدى شركة سامسونج:
رغم ما حققته شركة سامسونج من نمو إلا أن لديها بعض نقاط الضعف وهي كالتالي:
1- تصميم وملمس الهواتف الذكية: الهواتف الذكية التي تنتجها سامسونج معيبة من ناحية تصميم وملمس الشاشة وخاصة عندما قررت الشركة طرح أجهزة لوحية منخفضة الثمن وكانت سيئة في الملمس والجودة مقارنة بمنتجات الشركة وهي نقطة ضعف تم إصلاحها فيما بعد بتطوير منتجاتها.
2- عدم دقة بعض التطبيقات: بعض التطبيقات الخاصة بالأجهزة اللوحية لدى شركة سامسونج تفتقر للدقة ويحدث أن تكون مخرجاتها غير صحيحة وهي نقطة ضعف يجب تفاديها.
3- تطبيقاتها تفتقر للغة العربية: تعتبر منتجات شركة سامسونج واسعة الانتشار ولها حصة ضخمة في السوق العربي الذي يمتاز بكثافة للتكنولوجيا لذلك تحتاج الشركة مراجعة تطبيقاتها وبرمجتها بشكل يتيح استخدامها باللغة العربية بشكل يحسب كميزة تنافسية.
الفرص المتاحة لشركة سامسونج:
الفرص المتاحة أمام شركة سامسونج تتمثل في استغلال فرص السوق وتطوير منتجاتها وأبرز تلك الفرص هي:
1- الاهتمام بالخطط التسويقية والإعلان بشكل أكبر: تعتبر الخطط التسويقية المبنية على دراسات السوق وحاجة المستهلك ومتطلبات الحياة العصرية أهم تحدي يجب أن تضعه الشركة في اعتبارها فتطور من أساليبها التسويقية وعرض منتجاتها بشكل جذاب ولافت للنظر عبر وضع استراتيجيات واضحة تسويقية وعمل خطط إعلانية ترويجية مميزة وعمل دراسات استطلاع للسوق ولحاجاته ورغبات العميل ومتطلبات الحياة الحديثة.
2- ابتكار تكنولوجيات حديثة ومتطورة: يجب على الشركة تكثيف الاهتمام بالبحث العلمي وتطوير مهارات باحثيها ووضع ميزانيات ضخمة للبحث للخروج بمنتجات مبتكرة ومميزة.
تهديدات شركة سامسونج:
السوق العالمي معرض للتغيرات المفاجئة بحسب التغيرات الاقتصادية والاجتماعية وهو ما يمثل تهديدات تؤدي لخسارة الشركات الكبرى اقتصادياً ومن أبرز تلك التهديدات التي تواجه شركة سامسونج:
1- ابتكار منتجات جديدة من قبل شركات منافسة: قد تغزو الأسواق منتجات جديدة منافسة لمنتجات شركة سامسونج تتفوق عليها في الكفاءة والجودة والتقنية وهو ما يمثل تهديد بالغ للشركة وحجم مبيعاتها يجب تفاديه بتطوير المنتجات ومراقبة السوق.
2- تغير الذوق العام: يلجأ المشتري دوماً للتغيير وقد يمل بعض الإصدارات أو ينسحب لإصدارات أخرى مما يكلف الشركة خسارة مادية ولذلك عليها أن تكون حريصة على عمل دراسات للسوق ولأذواق العملاء وإرضاءهم.
3- عقد اتفاقات دولية قانونية تؤثر على التجارة الدولية: التجارة الدولية خاضعة دوماً للتغيرات القانونية التي تعيق تجارة الشركات العالمية وتؤثر على حجم الإنتاج والمبيعات بشكل يسبب خسارة إضافة لإمكانية زيادة الضرائب والرسوم الجمركية وهو ما يمثل ضربة لشركة سامسونج يجب اتخاذ إجراءات احترازية منها.
4- نمو الشركات المنافسة في الشرق الأوسط والدول العربية: النمو الذي قد تحققه شركات منافسة لسامسونج في الشرق الأوسط والدول العربية أمر وارد نظراً لكثافة العرض والطلب في تلك الأسواق، ولأن شركة سامسونج لها قيمة ووضع سوقي فذلك سوف يهدد مركزها ومبيعاتها وحجم إنتاجها بما يحتم عليها الحذر.
الموقف التنافسي لشركة سامسونج في البيئة القطرية:
يميز دولة قطر عن سائر الدول تمتعها برخاء اقتصادي وفائض في الموارد المالية، ويتصف السوق القطري بالإقبال على التكنولوجيا بشكل كبير ومواكب للجديد، لذلك ينمو السوق ويشهد حركة بيع كبيرة وذلك ينعكس على شركة سامسونج وعلى حجم المبيعات لديها خاصة مع توافر ميزة استقرار السوق القطري بما يمثل عنصر أمان وخاصة أن دولة قطر لديها أكبر احتياطي نفط عالمي يجعلها من أغنى الدول العربية. ويضاف لقطر ميزة الاستقرار السياسي وهو ما يشجع الشركات العالمية وعلى رأسها شركة سامسونج على اقتحام السوق القطري.
استراتيجيات التسويق للحملة:
يمكن الأخذ بالاستراتيجيات التالية التي تهدف للمنافسة والاستمرارية في السوق المحلي القطري:
1- يجب أن تهتم الشركة بطرح منتجات معتدلة الأثمان حتى لا تطغى عليها شركات أخرى قد تستغل الميزة التنافسية الخاصة بخفض الثمن مقابل جني أرباح أكبر.
2- زيادة عدد العاملين لاستثمار قوتهم في توسيع وزيادة ساعات العمل لما في ذلك من طرح منتجات أكثر جودة وعدد.
3- عمل دراسات استطلاعية لحالة السوق ومتطلباته ومواصفات المنتجات التي يحتاجها السوق القطري تحديداً.
4- على مدراء الشركة مراقبة الناحية القانونية والحرص على عدم خرق القوانين حتى لا تتعرض الشركة لعقوبات قانونية أو استصدار قوانين مقيدة.
5- طرح دراسات لمعرفة الذوق العام واحتياجات العملاء عبر فريق مدرب من خبراء التسويق ومتخصصي التنمية البشرية حيث يتم إعداد استمارات يملأها العميل ويحدد فيها رغباته.
أهداف الحملة الإعلانية لسامسونج:
كانت الحملة الإعلانية للشركة تهدف إلى جذب الانتباه للمنتجات المختلفة وخاصة مع ظهور التطبيقات المختلفة المتمثلة في مواقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك، تويتر، يوتيوب "، والتطبيقات الخاصة بالأجهزة المحمولة مثل " فايبر، واتس أب، سكاي بي " والتي أتاحت قدر كبير من الانفتاح على العالم، والشباب القطري لديه متعة في امتلاك التكنولوجيا ورغبة متجددة في الاطلاع على أحدث ما تقدمه الشركات العالمية، وهو ما استغلته الشركة في حملتها الإعلانية في السوق القطري، لذلك اتخذت سامسونج من السوق القطري مركزاً لترويج منتجاتها وتسويقها وجنى ثمار التنوع والرخاء الذي يمتاز به السوق القطري وحرص المواطن القطري على البحث عن الجديد في مجال التكنولوجيا.
نتائج الحملة الإعلانية لسامسونج:
حققت الحملة نجاح كبير بفضل السوق القطري وحرص سامسونج على إرضاء ذوق المواطن القطري وطرح أفضل التقنيات التي تناسب الحياة العصرية. ولأن خططها لم تقتصر على غزو السوق القطري من خلال تسويق الأجهزة اللوحية فحسب، بل تفرعت المجالات لتنتج السيارات الفارهة والأجهزة المنزلية الرقمية. ولذلك نجاح الحملة ساهم في السوق القطري بشكل كبير وضاعف حجم مبيعات الشركة ومنحها مجالاً واسعاً لجني مكاسب طائلة.
أسباب نجاح الحملة الأعلانية:
تحليل شركة سامسونج السابق وضح لنا أن شركة بحجم سامسونج تمتاز بحجم مبيعات كبير وشبكة مختلفة من الشركات التي تطرح منتجات في كافة المجالات وخاصة الأجهزة المحمولة وحتى السيارات، ويعتبر السوق القطري بالنسبة لشركة مثل سامسونج هدف تسعى إليه، ولأن شركة سامسونج شركة عالمية تمتاز بمركز عالمي كبير في السوق العالمية وفي ظل الانفتاح الذي يشهده العالم استطاعت تحقيق النجاح في السوق المحلي القطري.
هل ستنجح الحملة إذا تم تدشينها في ثقافة مختلفة:
إن نجاح الحملة الإعلانية متوقف على طبيعة السوق وعناصر تطبيقها وطبيعة المجتمع والثقافة التي يتم توجيهها إليه ولذلك إذا توافرت ظروف مشابهة لظروف السوق المحلي القطري فذلك ضمان لنجاح الحملة الإعلانية وإذا لم تتوافر تلك الظروف فسوف تفشل الحملة تماماً.