القصة القصيرة:-
تعرف القصة القصيرة على أنها فن درامي اللغة هي أداته، والحوار والسرد هما أسلوبه، ويجب أن تكون القصة القصيرة قليلة الكم يمكن قراءتها في جلسة واحدة. تتميز القصة القصيرة بوحدة الانطباع، حيث أنه يجب على الكاتب تقديم تجربة عامة يحياها الجميع ولكن مع خلال رؤية خاصة مركزة تناقش أفكار محددة. تبدوا تلك العناصر واضحة في في قصة (جمهورية فرحات) للكاتب يوسف إدريس حيث يروي البطل (فرحات) حلمه بجمهورية كاملة يتشارك فيها الجميع تحت ظلالها في الصحة والثروة والتعليم. فقد كُتبت هذه القصة في عام 1957 فتميزت بالواقعية، حيث أخذ الكاتب يصور الحياة اليومية ولاسيما للمُهَمَّشين من طبقات المجتمع، كما أنه جنح إلى استخدام لهجة بسيطة وسهلة، وكان يرى أن الفصحى لا يمكن أن تعبر عن توجهات الشعب وطموحاته، كما أن الحوار يعد ركنًا مهمًا من أركان القصة عنده، ويمثل جزءًا من التطور الدرامي للشخصيات والتي غالبًا ما كانت من البسطاء الذين يصارعون من أجل الصمود أمام مشاق الحياة، ولعل في الظروف التي كان يعيشها الشعب المصري حينها، ما يفسر اتجاه كاتبنا لهذا النوع من الأبطال في قصصه،
البنية السردية والمنهج في القصة القصيرة "جمهورية فرحات" كمثال:
بالنسبة للبنية السردية في قصة (جمهورية فرحات) فقد كانت توظيف التقنيات السردية المختلفة من زمان ومكان وأحداث وشخصيات لبناء قصة على النسج التقليدي تتكون من مقدمة وعقدة وحل ونهاية. أما المنهج المستخدم للتعبير عن الأبطال في قصة (جمهورية فرحات) هو الحوار والذي جاء لتقريب ما يدور داخل شخصياته من تصعيد نفسي وتصعيد للأحداث مع محافظته على سلاستها وسهولتها، وهذا من أهم الخصائص الأسلوبية للكاتب، فقد عايش الكاتب في مرحلة شبابه فترة حيوية من تاريخ مصر في جميع جوانبه من حيث الانتقال من الملكية إلى الثورة ثم إلى النكسة، ومن بعدها إلى النصر ثم إلى الانفتاح وما له من آثار على المجتمع. إنه رجل عاش كل هذه التقلبات كفنان مبدع يرصدها ليتمكن من تأثيره عليها ويعبر عنها في أدبه في كل مرحلة من هذه المراحل وظهر إبداعه وأسلوبه الواقعي جلياً في هذا العمل القصصي الرائع. إذن فالقصة القصيرة أكثر الأشكال الأدبية إيجازًا، فهي تشبه القنبلة الذرية في صغرها وفعاليتها، ومع ذلك فهذه القنبلة يمكن تصنيعها فقط على أيدي أُناس ذوي موهبة.
المسرحية:-
تعرف المسرحية على إنها شكل فني يروي قصة من خلال حديث شخصياتها وأفعالهم، حيث يقوم الممثلون بتقمص هذه الشخصيات أمام الجمهور في المسرح، والمسرحية فن عالمي قديم عرفته جميع الحضارات تقريبًا، ومع أنها شكل أدبي، فهي تختلف في طريقة تقديمها عن غيرها من أشكال الأدب الأخرى كمسرحية (أهل الكهف) لتوفيق الحكيم عام 1933، وهي من أشهر مسرحياته فقد لاقت نجاحا كبيرا وترجمت إلى لغات أخرى كالفرنسية والإيطالية والإنجليزية. وتدور مسرحية أهل الكهف حول صراع الإنسان مع الزمن حيث أن هناك ثلاثة أشخاص يعودون إلى الحياة مرة أخرى بعد نوم عميق استمر لأكثر من ثلاثمائة عام داخل أحد الكهوف، وكان لدى كل واحد منهم علاقات متعددة مع المجتمع حولهم قبل نومهم.
وعندما عادوا إلى الحياة وجدوا أنفسهم في زمن آخر وعالم آخر، وحاولوا إعادة علاقاتهم الحياتية مرة أخرى إلا أنهم فشلوا في تحقيق ذلك، مما ترتب عليه شعورهم بالوحدة وفقدان كل علاقاتهم الاجتماعية مرة واحدة، مما دفعهم إلى العودة مرة أخرى إلى كهفهم مفضلين الموت على الحياة في عالم وزمن لا يعرفونه.
البنية السردية والمنهج في مسرحية "أهل الكهف" كمثال:
اعتمدت البنية السردية في مسرحية (أهل الكهف) لتوفيق الحكيم على الكتابة الدرامية الذهنية. وقد راعت حبكة المسرحية فكرة تقديمها مسرحيًا، وقد جمعت بين فكرة صلاحيتها لتقديمها مسرحية تستهدف جمهور محدد من المتفرجين وفكرة تقديمها ككتاب تستهدف جمهور القراء ككل مع إضفاء فكرة اضافة البعد الإنساني والتاريخي للشخصيات. إن الثقافة المسرحية الواسعة، تؤدي إلى فن مسرحي عظيم. لقد اقتبس الكاتب توفيق الحكيم مسرحية (أهل الكهف) من قصة سورة الكهف في القرآن الكريم وصاغها في إطار مسرحي مكتمل الأركان من حيث الحوار والزمان والمكان والأشخاص والبعد التراجيدي. وقد استخدم توفيق الحكيم في مسرحية (أهل الكهف) المنهج التاريخي الذي يعتمد على الاحداث التاريخية. كان أولئك يكتبون وفي بالهم ظروف مسارحهم وإمكاناتها وفي حسبانهم كل صغيرة وكبيرة، مما يمكن تنفيذه لما يدور في أذهانهم، وتخطه أقلامهم.
الرواية:-
تعرف الرواية على إنها هي سرد نثري طويل تصف شخصيات ليست بالحقيقية وأحداث من خيال المؤلف في أغلب الأحيان على شكل قصة لها بداية، وعقدة، وحل ونهاية، كما أن الرواية أكبر الأجناس القصصية عند النظر إلى الحجم، تعدد الشخصيات، وكذلك تنوع الأحداث. فتعتمد على السرد بما فيه وصف وحوار وصراع بين الشخصيات وما ينطوي عليه من تأزم وجدل وتغذية الأحداث. وتنقسم إلى عدة أنواع فمنها العاطفية والبوليسية والتاريخية والسياسية والواقعية والخيالية والوطنية مثل رواية (اللص والكلاب)، وهي رواية كتبها (نجيب محفوظ) عام 1972، ونُشِرت للمرة الأولى عام 1973 وتعد من أشهر رواياته. إن هذه الرواية هي رواية واقعية نقدية تناقش بعمق مشاكل الأفراد في مجتمع قد اختفت منه القيم النبيلة، وساد فيه الظلم والفساد. لذلك فهذه الرؤية هي مأساوية سعى فيها (نجيب محفوظ) لتجسيد تلك المشكلات من خلال فكرة مسار البطل الفردي.
البنية السردية والمنهج في رواية "اللص والكلاب" كمثال:
إن المنهج المستخدم في رواية (اللص والكلاب) هو المنهج الوصفي حيث انه يعتمد على الوصف في توصيل الصورة إلى القارئ. ولا شك أن الإصغاء لمشاكله ولمعاناته يعكس أزمته الداخلية، وهي أزمة تخلع عليه سمة البطل الإشكالي، الذي يطمح إلى غرس القيم الجميلة في مجتمع يفتقد لكل مظاهر القيم والمبادئ. وهذا ما يفسر تركيز الرواية على شخصية البطل في تحضر الشخصيات الأخرى في علاقاتها بشخصية البطل. وقد حاول (نجيب محفوظ) في قصته على المزاوجة بين الفصحى والتي يحرص عليها في قصصه بعامة وبين اللغة المحكية لينقلنا بواقعية داخل الخطاب النفسي للشخوص. تقوم رواية (اللص والكلاب) على وصف خط الصراع الأساسي بين البطل المظلوم تارة والظالم تارة أخرى والمجتمع الظالم دائما لكل من هو ضعيف ومغلوب. يلعب الخط دور العمود الفقري للرواية حيث يربط بين أجزاء الرواية المختلفة. في الحقيقة فإن نجيب محفوظ لم يسع إلى عرض أي مقدمات لتقديم شخصياته ولكنه دفع بالقارئ فورًا إلى الموقف الأساسي والمشكلة الرئيسية في الرواية، ويمكن للقارئ أن يضع يده على الخيط الأول وبذلك لا يشعر بأنه يوجد هناك حاجز بينه وبين العمل الفني. وهناك كتاب كثيرون محترفون في فن الرواية مثل إحسان عبد القدوس ويوسف إدريس ويوسف القعيد ولهم أعمال أدبية أثرت المكتبة العربية لما لهم من باع طويل في كتابة الروايات.
الشعر:-
لقد احتار المتخصصون في تعريف ظاهرة الشعر لأنه وليد النفس الإنسانية، لذا فكل التعريفات والفلسفات التي قيلت عنه ما هي إلا مفاهيم فردية تصور وجهة نظر شخصية لصاحبها لا تتعدى في الواقع السطح لحقيقة الشعر، أما باطنه وكنهه فلا يزال في مجاهل الغيب. وللشعر تيارات ومدارس كثيرة فمنها المحافظ التقليدي، ومنها التجديد والإحياء، والشعر الحر. وقد اخترت قصيدة (الناس في بلادي) لصلاح عبد الصبور 1957.
البنية السردية والمنهج في قصيدة "الناس في بلادي" كمثال:
لقد اعتمدت البنية السردية في قصيدة (الناس في بلادي) لصلاح عبد الصبور على فكرة ثنائية الإيمان واللاإيمان وهذا فيما يخص البنية الدلالية. أما بالنسبة للبينة السردية الإنفعالية فقد اعتمدت على إظهار حزن الشاعر صلاح عبد الصبور بسبب الظروف السيئة والصعبة التي تعيشها مصر من فقر، وجوع، ونقص للإيمان بالله، وسرقة، وشرب للخمر، وقتل. أما فيما يتعلق بالبنية السردية السياسية فالحزن في القصيدة ليس حزن فردي أو شخصي فقط ولكنه حزن اجتماعي وكذلك سياسي. وبالحديث عن البنية السردية الكحدية، فقد رأى الشاعر أن الطبقة المعدمة من الناس كالصقور يؤذون بعضهم البعض ولا يحترمون أحد من شدة الجوع ولكنهم في نفس الوقت ضعفاء أمام الظروف يرتعدون منها. وأخيرًا ففيما يخص البنية السردية الدينية، فقد اقتبس الشاعر بعض الكلمات الدينية مثل الإله، عزرائيل، القضاء، القدر، المصطفى، وهذا يبرز تأثير الأديان في النفوس البشرية.
وفيما يخص منهجية تلك القصيدة فهي من الشعر الحر للشاعر (صلاح عبد الصبور) يصف في أول جزء فيها حال الشعب المصري ويذكر بعض صفاتهم أنهم (جارحون وطيبون) علاوة على ذلك سلوكهم الذي يجعلهم (يقتلون ويسرقون) مثل البشر في أي مكان في العالم. ويستخدم الكاتب التشبيه في سرد أوصافهم وهذه الأوصاف لا تشير للشعب المصري فقط بل للبشر حول العالم، فالكاتب يكتب ببراعة عن حالة إنسانية. أما بقية القصيدة يتحدث عن شخص خيالي اسمه (مصطفى) والذي يقود مجموعة من القرويين عندما يناقشون مواضيع مختلفة عن تجربة الحياة. من موت وحياة، إلخ. يستخدم الشاعر مفردات قرآنية في القصيدة مثل الشمس والجبال والهلال، فهي رموز إسلامية تدل على وجود وعظمة الله. فالقدرة الإلهية موضوع مهم للبشر.
تنتهي القصيدة بموت (مصطفى) بطل قصيدته، فيعمم الشاعر كيف أن كل رحلة حياة تنتهي بنفس الصيغة، وأن مشاعر البشر واحدة في جميع المراحل المختلفة في حياة الإنسان. ومن خلال قصيدة (الناس في بلادي) اتضحت معالم شعر صلاح عبد الصبور جيداً وهي استخدامه للغة الحية التي نسمعها في كلام الناس والاهتمام بالصورة وتوظيف الرمز والأسطورة وكثرة الحديث عن النهاية والموت والتخلي عن التقييد بالقافية الواحدة حتى يتفادى الرتابة والافتعال وقد تضافرت الأفكار والمعاني والعواطف في القصيدة تضافرًا جليًا. إذن فالشعر هو نبض الإنسان الذي يعبر به الشاعر عن مشاعره تجاه الأحداث المحيطة به.