📁 قد يعجبك

أسباب انهيار الاقتصاد الإسلامي

أسباب انهيار اقتصاد الأمة الإسلامية

هنالك ملامح تؤكد على أن الرخاء الاقتصادي ارتبط بالاستقرار السياسي لوحظ الرخاء الاقتصادي عندما توافر الاستقرار السياسي على سبيل المثال في عهد معاوية بن أبي سفيان وكذلك عهد مروان بن عبد الملك. كما لوحظ أيضا الرخاء الاقتصادي في بداية الدولة العباسية على يد الخليفة المنصور الذي قام بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية بعد استقرار الدولة سياسيا واستمر الرخاء الاقتصادي والسياسي إلى مدة نصف قرن لحين بداية الخلاف بين الخليفة الأمين والمأمون واشتعال الفتنة بينهم ولم يلاحظ حدوث رخاء اقتصادي في القرون التالية ألا بعض أنحاء الأمة الإسلامية التي تمتعت بالاستقرار السياسي كمصر في عهد الأيوبيين وبعض من عهد المماليك وكذلك بلاد الشام والمغرب في بعض الفترات الأخرى.

إن مراحل الانهيار الاقتصادي في الأمة الإسلامية كانت في معظم الأحيان بسبب الخلافات السياسية أو الحروب أو المحن الطبيعية. لقد تعرضت الأمة للعديد من المحن كالقحط والأوبئة من الأسباب التي أدت إلى انهيار الاقتصاد الإسلامي بشكل عام في كثير من الجوانب التي أدت إلى تضيع مواردها وسقوطها سياسيا. أن انهيار الإدارة المالية مع مرور الوقت أدى إلى انخفاض معدلات التنمية وتغير الميزان التجاري لصالح الأمم الأخرى وكذلك فقدان القوة البحرية في البحر المتوسط أثر في تحول مسارات التجارة وانتقالها إلى أيدي الأوربيين وكذلك تميز الأوربيين بابتكاراتهم التقنية الجديدة التي أدت إلى ازدهارهم اقتصاديا في مجالي الصناعة والتجارة.


أسس الرسول (ص) لتجنب الإنهيار الاقتصادي:

ومن حسن التعامل بالدين الإسلامي نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم حدد لنا الموارد المالية للدولة وجعل لها مصارف محددة وكذلك شدد الرسول صلى الله عليه وسلم على حرمة المال العام وحدد دور الخليفة أو أمير المؤمنين في الصرف منه كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم حدد الأليات والوسائل التي تساعد على تحقيق العدالة الاجتماعية وتساهم في توزيع الثروة كالزكاة والعطايا وغيرها.

ولكن لم تكتمل هذه المثالية في الاقتصاد الإسلامي التي وضعها رسولنا صلى الله عليه وسلم حيث نجد هناك من منع الحقوق المالية للدولة كالزكاة وقد حارب أبو بكر الصديق رضى الله عنه من امتنع عن دفع الزكاة تأكيدا منه على حقوق الفقراء وترسيخ لهيبة الدولة. ونجد في أواخر حكم الخليفة الراشد عثمان بن عفان تباطأ النمو الاقتصادي بشكل واضح وذلك بسبب تزعزع الاستقرار السياسي. ولكن بعد تولى الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان حدث ازدهار اقتصادي واضح حتى بعد وفاته ونجد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان قام بتعريب الدواوين وإصدار الدينار الإسلامي. ونجد الأن أن تحليل أهم عوامل انهيار الاقتصاد الإسلامي امر ضروري لتفادى حدوثها في المستقبل ومع أن الأسباب ليست واحدة ولكنها مكررة وكذلك متفاعلة مع بعضها والان سوف نقوم بعرض أهم العوامل التي أدت إلى انهيار اقتصاد الأمة الإسلامية:


أسباب إنهيار الاقتصاد الإسلامي:

تدهور المستوي المعيشي:

إن استمرار الفقر وكثرة حركات التمرد والعصيان وانعدام الأمن والاستقرار من مؤشرات التي توضح مدى الانهيار المعيشي فساهمت هذه الأسباب في تدنى مستويات المعيشة فنجد أن معظم حركات التمرد السياسي سببها انخفاض المستوى المعيشي.


تزايد الصراع السياسي وتنامي حدته وتمزق المجتمع إلى أحزاب:

إن عهد الرسول والخلفاء الراشدين هي أكثر العصور استقرارا وبداية عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي هي فتنة قتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه والقتال الذي حدث بعد ذلك بين الخليفة الراشد على بن أبى طالب رضى الله عنه ومعاوية بن أبى سفيان كما استمر الخلاف بين الخلافة الأموية وعبد الله بن الزبير. كما زادت حده حركة الخوارج طوال فترة الخلافة الأموية وبداية الخلافة العباسية والتي أدت إلى عدم الاستقرار السياسي وفى العهد العباسي كانت حركات التمرد أشد عنفا نتيجة الفارق الكبير بين الأغنياء والفقراء ومن حركات التمرد العنيفة حركة الزنج والتي كانت بدايتها 255هـ إلى 270هـ. منذ القرن الرابع الهجري بدأ العالم الإسلامي بالتمزق من الناحية السياسية والمذهبية حيث نجد انفصال العديد من الولايات عمليا وتسلط العسكريون غير العرب على الحكم وانقسمت الدولة الإسلامية ألي ثلاثة أجزاء فعليا ومن دلائل الصراع السياسي استمرار الحروب الأهلية والتي بسببها أضاعت الكثير من الموارد المالية.


التهديد الخارجي والتدخل الأجنبي:

منذ القرن الرابع الهجري بدأت تتعرض الدولة الإسلامية لتهديدات الروم حيث هاجموا الشام ومصر عدة مرات وقتلوا كثير من المسلمين فنجد أن التدخل الأجنبي له دور في تضيع النشاط الاقتصادي وبداية من القرن السادس الهجري بدأت الأساطيل الصليبية بمهاجمة سواحل الأمة الإسلامية من الشمال الأفريقي ونتيجة الحملات الصليبية المتكررة أدت الي استيلاء الصلبين على بيت المقدس وقتلوا بالمسجد ما يزيد على سبعين ألف واستمرت هذه الحروب قرابة قرنين من 490 وحتى 690هـ وبعد ذلك جاء الاجتياح المغولي بدءا من عام 616ه بمهاجمة ايران ودخول بغداد عام 656هـ. وفى عهد الدولة العثمانية تسلط الدول الأجنبية وخاصة فرنسا عليها اجبرها على قبول بنود واتفاقيات في الجانب الاقتصادي كانت في غير صالح الأمة الإسلامية فنجد في عهد السلطان سليم عام1569م منحت العديد من الامتيازات للقنصلية الفرنسية منها أعفاء كل فرنسي من دفع الخراج الشخصي.


تزايد سلطة الجيش وتزايد نفقاتهم:

ظهر الفساد العارم في الجيش اثناء الفترة العباسية، حيث أصبح مصدر لجمع ضرائب الارض مما ساهم في التشدد في جبايتها واختلاط المالية العامة والموارد بالنفقات. لذلك اجمع الكثيرين على ان الجيش والادارة هم السببين الرئيسين في اضعاف ثم اسقاط الدولة العباسية.


سوء التدبير المالي والاداري والسياسات الضريبية المجحفة:

سوء الادارة المالية كان أكثر العوامل التي تميز الدولة الاسلامية وتوجهها نحو الدمار والسقوط، وذلك بسبب توجيه المصادر المالية لخزانة الدولة الي مشاريع لم يقام عليها دراسات جيدة مثل بناء مدن غير مستخدمة او ان الدولة غير قادرة ماديا على قيامها وان هناك ما هو اهم منها. اما عن الثورات التي كانت لها ظهور واضح في تلك الايام، دفعت الدولة لسرف معظم مواردها المالية على الجيش لتقويته ليقف ضد هذه الثورات. ومن العوامل الظاهرة اثناء هذه الفترة والتي تدل على الفساد داخل الدولة الاسلامية انه تم استنفاد معظم الموارد الاقتصادية المتاحة في مجالات غير مرتبطة بتنمية الدولة مثل الحروب الداخلية والخارجية.


الاسراف:

أصبحت نسبة الاستهلاك خلال هذه الفترة هائلة وفي المقابل لم تشهد الدولة الا قليلا من الصناعات والحرف مما ادى الي اختلال ميزان الدولة المادي. ظهرت ايضا عوامل الترفيه واللهو كنوع من انواع التسلية والكسل عن العمل مما ادى الي تزايد نسبة الاستهلاك وقلة نسبة الانتاج. ولكن هناك فترة واحدة وهي فترة الخلفاء الراشدين والتي ظهرت فيها معالم الحرص وعدم التبزير في المال العام والخاص ولكن جاءت بعدها العديد من الفترات التي تبنت فكرة الاستهلاك والتبزير من جديد.


التركيز على جمع الضرائب وتجاهل التنمية الاقتصادية:

أصبح الاهتمام بجمع الضرائب على وتمركزها في ايد العسكر من اهم الاسباب التي ادت الي اضعاف الدولة الاسلامية وذلك بسبب الاهتمام بالجمع في مقابل عدم النظر الي تنمية العامل الاقتصادي والانتاجي وذلك من خلال تشجيع الاستثمار والمستثمرين. ولكن كان الجميع يهرب من الاستثمار نتيجة ضعف وتذبذب الدولة الاسلامية مما يجعل ضمان اقامة المشروعات الاقتصادية صعبا. نتيجة لذلك أصبح الاقتصاد والانتاج ضئيل داخل الدولة الاسلامية وايضا ظهرت الاقليات فقط الذين يمتلكون حرفة او مصدر للإنتاج ولكن لا يقارن بالاستهلاك الذي شهدته الدولة خلال هذه الفترة.


عدم التطور المالي وتكوين الانظمة الاقتصادية الحديثة:

نتيجة للإنهيار المالي في الدولة الاسلامية ظهرت بعض التطورات في الانظمة المالية في العصور الاولي ولكنها لم تستطع مواكبة الاستهلاك والصرف مما ادى الي استحواذ البنوك الاجنبية على المصادر المالية مثل المصارف الإيطالية التي اخذت في التوسع بنفوذها المالي الي خارج اراضيها بينما كانت حركة البنوك التجارية لم تتأسس بعد في الدول العربية وذلك عام 1850م.


عدم وضوح السياسة المالية العامة:

لم يكن هنالك أي سياسة مالية عامة تساهم في تحسين رؤية الدولة نحو المستقبل وتنمية مواردها خاصة أن الواقع السياسي كان يتطلب الحرص على تنمية الموارد المالية بفعل العديد من التوجهات السياسية والشهوات التي باتت تتملك الحاكم وعدم التفرقة بين المال العام والطمع فيه والأموال الخاصة للحاكم.


المحن والكوارث الطبيعية:

إن المحن الطبيعية المختلفة التي تواجه الحياة الإنسانية أيضاً تمثل مشكلة ذات أبعاد اقتصادية خاصة الجفاف الذي يتطلب الاستسقاء طلباً للمطر الذي تبنى على أساسه المعيشة في الحياة العامة والاجتماعية والاقتصادية في الدولة.


الخلاصة:

من خلال ما تم عرضه يمكننا القول ان أهمية القيادة السياسية تمثل أساس قيام الاقتصاد وقيادته الإدارية ومعايشة الواقع الاقتصادي بما ينفع الأمة ككل وبالتالي كانت المشكلات المالية العامة ينبغي ان تكون أكثر حرصاً على تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال مختلف أشكال التكافل الاجتماعي من أمثلة أنظمة الزكاة والجزية وخلافه، لذلك كانت أبرز عوامل الانهيار في الاقتصاد الإسلامي هي تدهور المستوى المعيشي والتأثر بذلك في الطبقات الفقيرة وهو ما دعّمه طمع الخلفاء لإرضاء الدول الأجنبية والاستيلاء على أموال الدولة وعدم تفعل نظم وقيم الشريعة الإسلامي كما ينبغي وهو كان الاتجاه الأساسي الضامن لحياة إسلامية واقتصاد سليم.


أسباب انهيار الاقتصاد الإسلامي