مفهوم الثقافة وخصائصها
يعد موضوع الثقافة من الموضوعات التي شغلت اهتمام الكثير من المفكرين والأدباء والعلماء الذين يقع اختصاصهم ضمن مجال العلوم الإنسانية وذلك لما تمثله الثقافة من أهمية كبيرة داخل المجتمعات عبر التاريخ الإنساني بأكمله فهي تشكل هيكل ومضمون المجتمع الذي يميزه عن باقي المجتمعات الأخرى، ولقد تنوعت واختلفت الآراء والأفكار حول تحديد الثقافة أنها مركب يشتمل على المعرفة والفنون والقيم والعادات والعقائد التي يكتسبها أفراد المجتمع الواحد، وهناك البعض الاخر يري أن الثقافة عبارة عن تنظيم يضم المظاهر التي تعبر عن الأفكار والمشاعر والأفعال التي يقوم بها الأفراد في المجتمع ويعبرون عنها باللغة أو الرموز التي يتعاملون ويتواصلون بها مع بعضهم البعض.
مفهوم الثقافة بشكل عام:
فيما يخص مفهوم الثقافة فهي عبارة عن تاريخ الإنسان الذي يتراكم عبر الأجيال، وهناك بعض آخر يري أن الثقافة هي صفة مكتسبة. وتدور كافة تلك الآراء والمفاهيم حول الثقافة حول فلك معني واحد وهي أن الثقافة عبارة عن مركب يضم مجموعة مختلف من السلوكيات وأسلوب التفكير والتوافق والتكامل في الحياة الذي ارتضي افراد المجتمع الواحد على قبولها في نمط حياتهم اليومية فأصبحت تلك الأمور تميزهم عن غيرهم من المجتمعات الأخرى، ويدخل في تلك الأمور التي تميز أفراد المجتمع الاتجاهات والمهارات التي يكتسبها الأفراد ويتناقلونها في أشكال وصور مختلفة من جيل لآخر في المجتمع، وقد تنتقل تلك الأشكال والصور كما هي وقد يتم تعديلها وتغيرها وفق تغيرات الظروف بين الأجيال في المجتمع.
تعريف الثقافة:
عرف "إدوارد تايلور"، وهو أول من قام بوضع تعريف للثقافة، الثقافة بأنها "كل ما يكتسبه الإنسان في المجتمع الذي يعيش فيه من المعرفة والعادات والتقاليد والعقيدة والأخلاق والفن وغيرها من القدرات الأخرى". وأيضاً قد عرف "محمد الهادي عفيفي" الثقافة بأنها " كل ما قام الإنسان بصنعه في البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها عبر التاريخ في المجتمع الذي يعيش فيه، وهي تشمل العادات والتقاليد والقيم واللغة والمعرفة وآداب السلوك العام في المجتمع، وأيضاً المستويات والأنظمة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتعليمية والقضائية وغيرها".
مكونات الثقافة:
تتكون الثقافة من ثلاث مكونات رئيسية وهي:
1. مكونات مادية: وهي عبارة عن المكونات التي يستخدمها أفراد المجتمع بصورة يومية وتشمل المأكل والملبس والمشرب والمسكن وغيرها من الأمور المادية.
2. مكونات فكرية: وهي المكونات التي تتعلق بالفكر والعقل وتشمل اللغة والعلم والدين والفن وغيرها من الأمور الفكرية.
3. مكونات اجتماعية: وهي عبارة عن المكونات التي تشمل البناء الاجتماعي والهيكل الذي يتضمنه.
وهناك بعض العلماء الذين يقسمون مكونات الثقافة بصورة أوسع لتشمل:
1- الأفكار: وهي عبارة عن النتائج التي يتوصل إليها العقل الإنساني بعد عملية التفكير والتأمل والتحميص لكافة المعلومات التي يتلقاها.
2- العادات والتقاليد: هي عبارة عن الأسلوب أمة أو شعب في حياته الاجتماعية وقوانينه.
3- الأعراف: هي مجموعة من الأحكام والضوابط المتعارفة بين الأفراد في مجتمع ما فأصبحت تلك الأحكام والضوابط بمثابة قانون يحكمهم ويلتزمون به بصورة كاملة، وتساعد تلك الأعراف على نشر الخير والفضيلة كذلك فإنها تساعد القانون على منع الانحراف والجريمة.
4- اللغة: هي عبارة عن الحروف والرموز التي يستخدمها الأفراد في المجتمع للتواصل فيما بينهم، وهي تستخدم لنقل كافة الأمور التي تتعلق بهم للأجيال من بعدهم.
5- القانون: هي عبارة عن الأحكام التي تقوم بضبط المجتمع وتلزم الأفراد على السير وفق قواعد معينة تنظم التعامل فيما بينهم، كما أنها تقوم بمحاية المجتمع من الداخل والخارج.
خصائص الثقافة:
1- هي ظاهرة إنسانية: هي أحد الظواهر التي تخص الإنسان فقط وذلك لأنها تحتاج إلى إنتاج عقلي بالتالي فلا مجال لقيام ثقافة من الأساس دون وجود الإنسان فيها، حيث أنه يُنشأ تلك الثقافة وينميها كما أنه يكتسب بعضها أو مجملها من الآخرين وهو ما يطلق عليه التنشئة.
2- هي نتيجة للحياة الاجتماعية: إن الثقافة هي الأداة التي قام الإنسان بإيجادها لكي يتكيف بسرعة مع التغيرات العديدة التي تطرأ على البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها، كما أن تلك الثقافة تزيد من قدرة الإنسان على استخدام الأشياء التي توجد في بيئته الاجتماعية.
3- هي إنجاز كمي يستمر عبر التاريخ: فالثقافة تتسم بأنها ذات طابع تاريخي تراكمي عبر العصور، وذلك لأنها تنتقل عبر الأجيال بالتالي فهي ليست ملكاً لفرد أو جماعة بل هي ملك لكافة أفراد المجتمع، ويسهم هذا الأمر في ظهور أنماط وأنساق ثقافية جديدة.
4- هي عملية إبداعية متجددة: تتسم الثقافة بأنها في حالة تغيير مستمر بلا توقف حيث تفقد الملامح القديمة التي كانت تميزها وتدخل عليها ملامح جديدة، وهناك العديد من العوامل التي تسهم في تحديد حجم هذا التغير بين الماضي والحاضر والمستقبل في مضمون الثقافة وهذه العوامل هي توافر الإمكانيات التي تسهم في توفير المخترعات، ومدي التقدم العلمي الذي يوجد في المجتمع، كذلك ما تضيفه الأجيال الجديدة من قيم ومفاهيم على الثقافة القديمة، كما تتسم الثقافة بـأنها ذات طابع تكاملي وتتكون من عدة عناصر مادية وفكرية تترابط فيما بينها مع بعضها البعض لتأخذ شكل نمط ثقافي أو أنماط ثقافية متعددة وتتكامل تلك العناصر مع بعضها بفعل بعض العناصر التجريدية والتي أطلق عليها اسم تشكيلات وتميل تلك العناصر للانسجام فيما بينها.
5- يمكن اكتسابها: والمقصود بها أن الإنسان ير يرث الثقافة مثلما يرث خصائص الإنسانية المادية مثل لون بشرته أو لون عينيه، ولكن يكتسب الثقافة بطرق مقصودة أو غير مقصودة من الأشخاص الآخرين الذين يعيشون معه وحوله ويتفاعل معهم.
6- انتقالية: والمقصود بها أنها تراث اجتماعي يتعلمها الأفراد باعتبارهم أعضاء في جماعة معينة، وذلك لأن الثقافة تنتقل من جيل لآخر من خلال عملية التنشئة الاجتماعية، أو من مجتمع لآخر من خلال عملية التثاقف.
7- واقعية: تعد الثقافة هي السلوك الفعلي الواقعي الذي يقوم به الأفراد، ويتضح من خلال دراسة المجتمعات أن أي مجتمع يمر بمرحلتين أساسيتين في حياته الثقافية وهما مرحلة توليد الأفكار وتتسم بأن وتيرة العمل فيها متباطئة، والمرحلة الأخرى هي مرحلة تجسيد الأفكار وتتسم بأن وتيرة العمل بها متزايدة بينما تقل فيها الأفكار.
8- تعد الثقافة متباينة داخل المجتمع الواحد: هناك اختلافات كبيرة في مضمون الثقافات والتي قد تصل في بعض الأحيان إلى التناقض في المضمون، فقد تكون النظم السائدة في مجتمع ما ويعتبرها فضيلة ويتمسك بها قد تكون تلك النظم جريمة في مجتمع آخر تقع ضمن العقوبات التي يعاقب عليها القانون في هذا المجتمع.
الخاتمة:
في النهاية يتضح أن الثقافة هي من أهم الأمور التي تميز كل مجتمع عن باقي المجتمعات الأخرى سواء المعاصرة أو عبر التاريخ وذلك بما تتضمنه من عناصر توجد في المجتمع وتختلف عن باقي المجتمعات الأخرى، وأبرز تلك العناصر التي تشكل مضمون الثقافة هي العادات والتقاليد واللغة والفنون والآداب والأعراف والقيم والقانون وجود تلك العناصر وامتزاجها مع بعضها البعض وهو ما يكون ثقافة فريدة من نوعها عن باقي الثقافات الأخرى عبر التاريخ، وعلى جانب آخر نجد أن الثقافة ليست منفصلة عن غيرها من الثقافات الأخرى التي تظهر في باقي المجتمعات ولكنها تؤثر فيها وتتأثر بها نتيجة التنقل والتواصل بين الأفراد بعضها البعض على مستوي العالم.
التوصيات:
يجب على كل مجتمع التمسك بثقافته ودعمها بمختلف الوسائل المادية والمعنوية لكي تحتفظ بمضمونها وقيمتها وتراثها ولا تتأثر سلباً بالثقافات الأخرى خاصة حالة الانفتاح الثقافي الذي أصبحت تعيشها كافة المجتمعات في العصر الحديث نتيجة للتقدم التكنولوجي الهائل في مجال الاتصالات الذي جعل العالم قرية صغيرة وجعل الثقافات تنفتح على بعضها البعض بصورة كبيرة للغاية لم تكن موجودة من قبل، بالتالي أصبح الحفاظ على تلك الهوية الثقافية للأفراد وللمجتمع أمر غاية في الأهمية بالنسبة لأي مجتمع.