بالرجوع إلى تقارير منظمة الصحة العالمية الذي أصدر سنة 2006م نجد إن عدد المصابين بمرض السكر وصل ما يقرب إلى 171 مليون شخص على مستوى أنحاء العالم. وسوف نتطرق في هذا الموضوع إلى التعريف الطبي لمرض السكر، وأنواعه، وأعراضه، وخطورته، ومتي يصاب الإنسان به، وطرق العلاج منه، وبعض النصائح لمريض السكر.
ما هو تعريف مرض السكر:
تم تعريف مرض السكر على أنه اختلال يحدث في عملية أيض السكر الذي ينتج عنه ارتفاع في مستوى السكر "الجلوكوز" في الدم بشكل كبير وغير طبيعي لأسباب متفرقة منها النفسية أو العضوية أو لسبب آخر مثل الإفراط في تناول السكريات وأحيانا تكون بسبب عوامل وراثية، وقد يحدث ذلك نتيجة وجود بعض الاختلال في إفراز الأنسولين من البنكرياس، فمن الممكن أن تكون كمية الأنسولين التي تقوم بإفرازها اقل من النسبة المطلوبة أو أحيانا قد يحدث توقف تام عن الإنتاج وتسمي هذه الحالة " قصور الأنسولين "، أو أن الكمية التي يتم إفرازها كبيرة في بعض الحالات مثل الأفراد المصابين بالسمنة المفرطة ولكن تقوم الأنسجة والخلايا الموجودة بالجسم بالمقاومة وتؤثر على وظيفة الأنسولين وتسمي هذه الحالة (مقاومة الأنسولين). وفي هاتين الحالتين يصبح الجلوكوز غير قادر على دخوله إلى الخلايا وينتج عن ذلك تراكمه في الدم ومن الممكن أن يظهر في البول، ومع مرور الوقت ومع زيادة تراكمات السكر في الدم فضلا عن دخوله إلى خلايا الجسم، مما يؤدي أحيانا إلى مضاعفات مزمنة تؤثر على بعض أنحاء الجسم مثل الأوعية الدموية شديدة الدقة التي توجد في شبكية العين وحويصلات الكلى.
أسباب مرض السكر:
يصاب الإنسان بمرض السكر في أي مرحلة من المراحل العمرية ولكن في معظم الأحيان قد تحدث الإصابة بالسكر للإنسان بعد أن يتخطى سن الأربعين سنه من عمره، ولكن من الممكن أن يصاب الإنسان بمرض السكري قبل أن يصل إلى هذا السن، كما أنه قد يحدث وأن يصاب الأطفال بمرض السكري في سن مبكرة وقد يكون ذلك نادر الحدوث إلا أنه قد يحدث في بعض الحالات ، ومن الممكن أن يصيب مرض السكري الشباب في سن العشرينات أو الثلاثينات وقد تكون هذه الإصابات محدودة النسبة إلا أنها موجودة، ومن هم أقل من سن العشرين يمثلون نسبة 5% بينما من هم في سن العشرينات والثلاثينات يمثلون نسبة 10%، ومن هم في سن الأربعينات والخمسينات فتعد نسبتهم 40%، أما من هم فوق الستينات فنسبتهم 45%. ويصاب الإنسان بالسكري عندما يحدث نقص في هرمون الأنسولين، أو عندما يصبح البنكرياس غير قادر على إنتاج كمية تكفي من الهرمون، أو أن يصبح الجسم غير قادر على استغلال الأنسولين الموجود داخل الجسم فيصاب المريض بتشويش في عملية استغلال السكر في الجسم فنجد أن السكر لا يصل للخلايا فيرتفع مستوي السكر في الدم فوق المستوي الطبيعي.
أنواع مرض السكر:
تم تقسيم مرض السكر إلى أربعة أنواع رئيسية وهي كالتالي:
النوع الأول: ويعرف هذا النوع بمرض السكر:
لقد كان هذا النوع معروف قديماً باسم السكر الذي يعتمد على الأنسولين ويقصد به مرضى السكر الذين يعالجون بالأنسولين ويسمي هذا النوع أيضا بسكر الصغار وذلك لأن أعراضه تظهر في سن الخامسة عشر عام ولكن هذا الاسم تم إلغاءه لأن النوع الأول يصاب به المسنين والشباب، ونجد أن هذا النوع قد يصيب الأطفال والبالغين اقل من سن الثلاثين عام ومن تتراوح أعمارهم بين عمر11 و13 سنة، لكن نجد أنه يصيب أي فئة عمريه مهما كانت ومن ضمنها الشيخوخة. ومعظم المرضى الذين أصيبوا بالنوع الأول من السكر يكونوا أصحاء وأوزانهم مناسبة عندما أصيبوا بالمرض، ولا توجد لهذا النوع استجابة للعلاج بالأقراص التي تخفض السكر ولا يتم معالجته سوى بحقن الأنسولين. كما أن قد تحدث أعراض هذا المرض فجائية حيث يحدث عطش وتبول باستمرار وتنفتح الشهية ويفقد الشخص وزنه ويتم ذلك في خلال أيام كثيرة ومن الممكن أن تزيد معه احتمالية حدوث بعض المضاعفات مثل حموضة الدم الكيتونيه والغيبوبة السكرية
النوع الثاني: ويعرف هذا النوع بمرض السكر 2:
لقد كان هذا النوع معروف قديماً باسم السكر الذي لا يتم الاعتماد فيه على الأنسولين والمقصود به هم مرضى السكر الذين لا يكون اعتمادهم على الأنسولين في مرحلة العلاج، وكان معروف أيضا باسم (سكر الكبار) لأنه يأتي لمن هم بعد سن الأربعين وكانت أعراض هذا المرض تبدأ بالظهور تدريجيا وهناك احتمال أن يكون هناك حدوث غيبوبة سكرية وأن تصبح المضاعفات اقل خطرا من النوع الأول للسكر، ويتم اكتشاف هذا النوع بالصدفة عند القيام بإجراء التحاليل الطبية المعتادة ويحدث في هذا النوع أن يقوم البنكرياس بفرز كمية غير كافية من الأنسولين ويحدث أن يكون هناك مقاومة من الأنسجة والخلايا الموجودة بالجسم فتعوق وظيفة الأنسولين مما ينتج عنه ارتفاع في مستوى السكر في الدم. وتلعب الوراثة والسمنة دوراً كبير في الإصابة بهذا المرض فغالبية مرضى هذا النوع يعانون من السمنة وخصوصا الذين لديهم زيادة حول منطقة الوسط فالسمنة تتعب البنكرياس، وفي هذا النوع من الممكن ألا يعرف الشخص أنه مصاب بالسكر لعدة سنوات قبل تشخيص حالته لأن الأعراض تكون في البداية خفيفة بينما المضاعفات تكون خطيرة.
النوع الثالث: مرض السكر الثانوي:
ويحدث هذا النوع بسبب وجود سبب مرضي يكون له تأثير على الخلايا المسئولة على فرز الأنسولين في البنكرياس وهي التهاب البنكرياس المزمن، أورام الغدة فوق الكلوية، استئصال البنكرياس عندما يلاحظ ظهور أورام سرطانية، بعض أمراض الغدد الصماء مثل مرض العملقة وذلك نتيجة الزيادة في إنتاج هرمون النمو والإفراط في إفراز الغدة الدرقية ويحدث ذلك في حالات التسمم الدرقي، ومتلازمة كوشينج والتي تتسبب في زيادة معدلات الكورتيزون، تناول بعض الأدوية مثل هرمون الغدة الدرقية والكورتيزون.
النوع الرابع: سكر الحمل:
قبل أن يتم اكتشاف الأنسولين واستخدامه كعلاج في مرض السكر كانت المرأة التي تصاب بالسكر تشعر بالمعاناة من نتائج هذا المرض التي تؤثر على وظيفة المبيض وخصوبته وتتسبب في تكرار حدوث إجهاض وإن أستمر الحمل كان يؤدي إلى بعض المضاعفات والمخاطر التي تتعرض لها المرأة الحامل مثل حدوث زيادة في مستوى السكر بالدم بصورة ملحوظة، وخصوصا الأشهر الأخيرة من الحمل، حدوث زيادة احتمالية الإصابة بتسمم الحمل، احتمال الإصابة بالتهابات المسالك البولية، احتمالية حدوث مضاعفات في العين تكون كبيرة.
أعراض مرض السكر في بدايته:
1- إن العطش الشديد والإفراط في شرب المياه وخصوصا المياه المثلجة من أشهر أعراض مرض السكر في بدايته. يحدث العطش نتيجة التأثير الأزموزي، كما أن حدوث زيادة كبيرة في مستوى السكر الموجود بالدم يتم إفرازها من خلال الكلى وذلك يحتاج إلى ماء لكي يحمله ممل يؤدي إلى فقدان الجسم الكثير من السوائل والتي يجب أن تحل عن طريق الماء الذي يوجد في خلايا الجسم مما يؤدي إلى الإصابة بالجفاف.
2- زيادة التبول وتحدث في النوع الثاني من السكر حيث من الممكن أن تكون خفيفة في البدايات ولكنها تزداد سوءا تدريجيا في أسابيع وأشهر، لذلك فإن زيادة عدد مرات التبول وكميتة بشكل ملحوظ كعرض من أعراض بداية مرض السكر.
3- زيادة كبيرة في الشهية لتناول الطعام وخصوصا الحلويات والسكريات كنوع من أعراض حرق السكر لنسبة الجلوكوز في الدم. ومن الممكن أن تحدث تلك الأعراض المذكورة في النوع الأول من السكر، وخصوصا عند الأطفال ولكنها من الممكن ألا تظهر تماما، أو لا تظهر بشكل سريع في النوع الثاني من السكر.
4- حدوث جفاف بالحلق واللسان كأحد أشهر أعراض مرض السكر.
5- نقص في الوزن من دون معرفة أسباب واضحة بالرغم من الأكل المنتظم أو زيادة الأكل أحيانا عند الشخص وتحدث أحيانا في النوع الأول من السكر، ويرجع ذلك إلى إفراز هرمون يسمي الجلوكاجون، ويتم إفرازه أيضا من البنكرياس ويقوم هذا الهرمون بتكسير البروتينات والدهون ويعمل على تحويلها إلى سكر مما يؤدي إلى حدوث نقص في الوزن.
6- وأحيانا يصحب النوع الأول من السكر بعض الأعراض مثل الإحساس بالكسل والخمول والضعف ويشعر الإنسان بعدم قدرته على تحمل المجهود العضلي لذلك يجب القيام بعمل التحاليل الطبية اللازمة بدلاً من البحث عن دواء أو فيتامين يعتقد المريض أنها مقوية، ونجد أنها في الحقيقة تؤخر موعد اكتشاف المريض للمرض الذي يشكو منه.
7- التشويش في الرؤية والشعور بالدوار أو الصداع وعدم القدرة على التركيز.
8- نجد أن الغيبوبة السكرية الكيتونية تكون أول مؤشر للمريض لإصابة المريض بمرض السكر وخصوصا لدي صغار السن الذين يصابوا بالنوع الأول من مرض السكر وسبب حدوث الغيبوبة السكرية هو تكسر الخلايا الدهنية ويتم إنتاج بدل منها مركبات تعرف بالمركبات الكيتونية.
9- سرعة التوتر والتعصب لدي الشخص المصاب.
10- حدوث تأخر عند التئام الجروح لمريض السكر والرضوض عندما تحدث.
11- الإصابة بالضعف الجنسي ويظهر عند الذكور.
12- الإصابة بالقلق والاضطراب النفسي والأرق وعدم القدرة على العمل.
مضاعفات مرض السكر عند الرجال والنساء:
1. تؤدي مضاعفات مرض السكري وارتفاعه إلى تلف في بعض الأعصاب والأوعية الدموية سواء الصغيرة أو الكبيرة مما قد يؤدي إلى حدوث تصلب الشرايين.
2. ويجب على المصابين بمرض السكر وخاصة الذين كانوا يعانون من ضعف الإحساس في أقدامهم التجنب التام لإيذاء أقدامهم، فعليهم الحذر من لبس الأحذية الضيقة أو تعرضها لمياه شديدة السخونة.
3. يجب على الأشخاص المصابين بمرض السكري القيام بالفحص الدائم لأقدامهم يوميا لاكتشاف حدوث تورم أو أي جروح أو احمرار وعندما يذهبوا إلى العيادة الطبية فليخبروا الطبيب أن يفحص أقدامهم.
4. من الممكن أن يشتكي المرضي بالسكر من حدوث خلل أثناء أداء الوظيفة الجنسية وقد أصبح أكثر المشاكل انتشارا هي الضعف الجنسي الذي يحدث نتيجة تلف الأعصاب التي تمتد للأعضاء.
5. معظم النساء المريضة بالسكري تعاني من ضعف في الشهوة وحدوث بعض الألم عند الجماع ويحدث ذلك نتيجة تلف الأعصاب التي تمتد للأعضاء التناسلية عندهن.
6. قد يقف السكر عائق أمام الكليتين وأدائهم لوظيفتهما في عملية تنظيف الدم ويقفد الجسم بعض من البروتينات المفيدة للجسم والتي يفضل بقاؤها في الجسم فتتسرب إلى البول.
علاج مرض السكر:
من الممكن أن يتم التحكم في الجلوكوز الموجود في الدم دون أن يتم استخدام دواء مثال على ذلك:
1- القيام بتنظيم الغذاء من حيث الكم أو النوع.
2- الممارسة الدائمة للرياضة.
3- القيام بزراعة بنكرياس.
4- القيام بزراعة الخلايا المسئولة عن إفراز الأنسولين.
5- أدوية مرض السكر:
ويوجد طرق أخرى أيضا لعلاج مرض السكري ولكن باستخدام الأدوية مثال على ذلك:
أ- تناول الأقراص التي تعمل على خفض السكر.
ب- استخدام حقن الأنسولين.
6- يجب على المريض السكري تنظيم غذاءه:
أشارت بعض الإحصاءات التي أجريت أن هناك نسبة ما تقارب 50% من مرضى السكري من النوع الثاني من الممكن أن يقوموا بضبط مستوى السكر في الدم ويتم ذلك عن طريق القيام بتنظيم الغذاء وحده.
ويعتبر الهدف من تنظيم الغذاء في علاج مرض السكري هو:
أ- العمل على ضبط وتنظيم نسبة السكر في الدم.
ب- أخذ الحذر من حدوث أي انخفاض في نسبة السكر في الدم وخصوصا عندما يتم استخدام أدوية في علاج مرض السكري.
ج- تجنب الأعراض والمضاعفات التي تصحب ارتفاع السكر.
د- تقليل نسبة الدهون الكوليسترول التي تضر الجسم والعمل على الوقاية من حدوث مضاعفات مثل تصلب الشرايين.
هـ- العمل على تخفيف الوزن الزائد والتخلص من السمنة المضرة بالجسم.
و- تحجيم أخذ جرعات من أدوية مرض السكر.