لقد أنزل الله تعالى القرآن الكريم حتى يكون رسالة وهداية للناس أجمعين فيخرجهم من الضلال إلى النور، ويدلهم إلى الطريق السليم المستقيم، وقد أنزل الله العديد من القصص القرآنية ومنها قصة أهل الكهف لتظهر للناس طريق الخير في الدنيا والآخرة والوسائل التي تقود المسلم إلى الجنة ونعيمها.
في زمن أي نبي كانوا أصحاب الكهف؟
يشير بعض المؤرخيم وكذلك المفسرين أن أهل الكهف كانوا بعد زمن نبي الله موسى عليه السلام، وأنهم دخلوا في الكهف في الفترة بعد انتهاء بعثة سيدنا موسى عليه السلام وخرجوا من أحياهم الله وخرجوا من كهفهم بعد بعثة نبي الله عيسى عليه السلام، وأن أهل الكهف كانوا على ديانة سيدنا موسى عليه السلام.
أسماء أصحاب الكهف:
ذكر العديد من المفسرين كالطبري وغيره أن أسماء أصحاب الكهف هي مكسلمينا وهو كبير أهل الكهف والمتحدث عنهم، وبيرونس، ويطونس، ودينموس، وكشوطوش، ومرطوس، ويمليخا، وأخيرًا محسيميلنينا.
مكان أصحاب الكهف:
تشير الدلائل الأثرية والتاريخية أن مكان أصحاب الكهف هو كهف الرقيم على بعد 7 كيلومترات من شرق العاصمة عمان بالمملكة الأردنية، بقرية الرجيب.
كم عدد أصحاب الكهف:
تشير الأية القرآنية في سورة الكهف صراحة إلى أن هنالك اختلاف بين الناس في تحديد عدد أصحاب الكهف بقوله تعالى:
(سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ)
ويقول ابن عباس رضي الله عنه أن عدد أصحاب الكهف هم سبعة وثامنهم كلبهم.
لماذا لم يذكر عدد أصحاب الكهف:
لم يذكر القرآن الكريم عدد أصحاب الكهف، لأن الهدف من القصص القرآني ليس تحديد الأزمان والا الأماكن وعدد الأشخاص حتى لا يشتت انتباه القاريء عن التدبر وأخذ العظة والعبرة من القصة نفسها، لذلك قال الله عز وجل لنبيه بعد الآية التي تحدثت عن الجدال في معرفة عدد أهل الكهف (فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا)، أي لا تجادل أهل الكتاب فيه
ملخص قصة أصحاب الكهف:
أصحاب الكهف هم مجموعة من الرجال تركوا دين القوم التابعين لهم بسبب كفرهم الشديد، فكانوا يعبدون الأصنام، ويقدمون لها الهدايا والقرابين، فاتفق الرحال مع بعضهم وقرروا الاعتزال عنهم بعيداً في كهف ليسلموا من اي شر نابع منهم، وبالفعل ذهبوا إلى كهف واستقروا به، ثم دخلوا بعد ذلك في نوم عميق، وقد كان مع هؤلاء الفتية كلبهم الذي كان يجلس على باب الكهف من أجل حراستهم، ثم بعثهم الله من سباتهم العميق بعد أعوام طويلة بلغت ٣٠٩ سنة.
معرفة الحقيقة والموت:
أرسل الفتية شخص منهم إلى المدينة حيث يجلب لهم الطعام، ويحكي لهم ما رآه من أشياء جديدة وما سمعه من تغيرات البلدة، وعندما ذهب إلى السوق تعجب الجميع من الأموال القديمة المتواجدة معه فذهبوا به إلى حاكم المدينة، فحكى الشاب قصته، ثم ذهب معه الجميع للكهف الموجود به كل الفتية، وعندما أخبر الشاب أصحابه بما حدث معه، قد تيقنوا أن نومهم طوال كل هذه السنين كان لحكمة لا يعلم بها إلا المولى عز وجل فقط، ثم دنو اجلهم بعدها.
الاختلاف في الحكم على أهل الكهف:
اختلف الحكم في أمرهم، فهناك من أراد أن يقوم ببناء مسجد عليهم ومنهم من كان يريد أن يقوم بسد باب الكهف، وقد كان الناس مختلفون ما هو عددهم الصحيح، فقال تعالى:
“سيَقولُونَ ثلاثَةٌ رابِعُهُمْ كلبُهُمْ ويقولُونَ خمسَةٌ سادسهُمْ كلبُهُمْ رجمًا بالغيبِ ويقُولُونَ سبعَةٌ وثامنُهُمْ كلبُهُمْ قلْ ربِّي أعلَمُ بعدَّتِهِمْ”.
أصحاب الكهف ناموا كام سنه؟
وفق النص القرآني، فقد نام أصحاب الكهف حوالي ٣٠٩ بالتقويم الهجري أو القمري وهو ما يعادل ٣٠٠ سنة في التقويم الميلادي، وهذا من إعجاز القرآن الكريم حيث دقق في وصف الحدث بقوله تعالى (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا).
الدروس المستفادة والعبرة من قصة أصحاب الكهف:
يحتاج المؤمن والموحد بالله في رحلة الإيمان والدعوة إلى الله جل جلاله إلى الصبر والثبات، حتى يتبين الحق من الضلال:
● من توفيق المولى عز وجل لأهل الكهف أنهم دخلوا في سبات لسنين؛ بمشيئة الله تعالى، وليس بإرادة الفتية، وهذه القصة هي آية عظيمة من القصص القرآنية، حيث ظل أهل الكهف في الكهف: ثلاثمائة عام وزادوا تسعة.
● ومن دروس قصة أهل الكهف أن يعرف الإنسان أن يفوض ويوكل أموره لله تعالى واللجوء إليه هو الطريق الصحيح للحصول على الرحمة والمغفرة والنجاة دائماً من كل شر، وفي قصة أهل الكهف يتضح ذلك بأن المولى عز وجل حفظ لهم دينهم وأبعد عنهم الفتنة.
● كما أن قصة أهل الكهف فيها رسالة إلى الشباب المسلمين حتى يرفعوا من عظمة دينهم، ويساعدهم في ذلك الشيوخ والداعية بدعمهم والدعاء لهم بالثبات، وقد وجه الله تعالى رسالة لرسله ولأمته وللناس أن قصة أهل الكهف ليست أمر عجيب يفعله المولى تعالى؛ فإن هذه آية من آيات الله العديدة، وهو قادر على كل شيء.
● كما لابد أن يستفاد المسلم من قصة أهل الكهف بأن يكون حذر للغاية من أماكن وأصحاب الفتن.
