حكمت عائلة آل ثاني دولة قطر منذ القرن التاسع عشر وقد حصلت على استقلالها في عام 1971م، وعند تولي الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حكم قطر قوي العلاقات مع دول الاتحاد الأوروبي ومع الولايات المتحدة الأمريكية، ومجلس الوزراء في قطر يتم تشكيله بناء على مرسوم أميري وهو السلطة التنفيذية العليا في البلاد، والأمير يصادق على جميع التشريعات والقوانين في البلاد ومجلس الشوي يتكون من خمسة وثلاثين عضوا يقوموا ببحث الشئون السياسية والاقتصادية والإدارية المحالة إليه من مجلس الوزراء وتباشر النيابة والمحاكم السلطة القضائية وأمور القضاء ينظمها مجلس اعلى للقضاء يعمل باستقلالية تامة، وفي سنة 1999م شكل الأمير مجلس وزاري أعلى لدراسة تخطيط النمو الاقتصادي والصناعي في البلاد في المستقبل في ضوء التوجهات العالمية وتم إجراء انتخابات المجلس البلدي المركزي، وهي أولى خطوات البلاد نحو الديمقراطية المدنية، وتقسم قطر لتسعة وعشرين دائرة انتخابية طبقاً للكثافة السكانية والأهمية الاقتصادية ويمثل المجلس البلدي المركزي جميع تلك الدوائر. وهناك صفات وخصائص فريدة بارزة للمجتمع القطري مثل الحداثة، التنمية، الاستدامة، الاهتمام بالأسرة والعائلة، التوجه نحو العلم والتعلم، الحفاظ على القيم التراثية، عدم الانجراف نحو اساليب الحياة الغربية، والحفاظ على العادات والتقاليد. وتعتبر قطر من أكثر بلاد العالم من حيث الأمن والأمان والمقيمون والزوار يحظون بكرم الضيافة والأصالة التي تتميز بها الثقافة العربية.
التاريخ الاجتماعي لقطر:
المجتمع القطري مجتمع ينفتح على الثقافات الأخرى وفي الوقت نفسه يحافظ على القيم والتقاليد الأصيلة، وعادات الزواج في قطر مختلفة عن البلاد الأخرى فتختلف مراسم الأعراس فيها وعند اختلاف تلك الطقوس والتقاليد الا انها تشترك في فرحة الأهل بزواج الأبن والأبنة والزواج واتمامه ضمن القوانين الاجتماعية المتوارثة التي تضفي الصفة الشرعية والرضا على شركاء متلازمين لأخر حياتهم. والتشابه الجغرافي والتاريخ لدول الخليج العربية يتشابه معه تفاصيل الاحتفالات بالزواج في هذه الأقطار ولكن توجد هناك بعض الاختلافات الطفيفة وتظهر في الحاضر فترة لها طابع جديد بعد التطور الاجتماعي بعد ظهور النفط في دول الخليج العربية.
عادات وتقاليد قطر في الزواج:
وللزواج في قطر مثل دول الخليج الأخرى له عادات وتقاليد مميزة عن غيره من الشعوب الأخرى ولكل شعب مميزاته وعاداته في الاحتفاء بالزواج ومنها:
1- عادات وتقاليد الخطابة في قطر:
الخاطبة هي امرأة مهمتها البحث عن الفتيات الصالحات للزواج وتقوم بهذه المهمة المكلفة بها من أهل الزوج مقابل أجرة مالية تتفق معها وتشترط على أهل الفتاة أن تكون أبنتهم تعرف الخدمة المنزلية وقضاء جميع لوازم المنزل وهذه الخطابة تطوف في جميع المنازل ويستضيفها أهلها الذين يرغبون في زواج ابنتهم وعند موافقتها في اختيار إحدى البنات الصالحات تذهب لأهل العريس ليتعرفوا عليها وتذهب أم العريس أو أخته أو خالته في الزيارة ثم تأتي الدزة بعد الاتفاق على الزواج. وتكون عبارة عن كيس محتوي على ملابس العروس وجهازها مع كيس صغير من الجهاز المالي يحتوي على مبلغ من الروبيات أو الريالات، وللدزة مراسم تلاشت وانمحت ولم يحل محلها شيء وتقوم والدة المعرس بدعوة جميع قريباتها في منزلها قبل صلاة العشاء وقد أحضرت الدزة ويتقدمهن حاملة الدزة التي تضعها على رأسها لتطوف الطريق ومعها تصاحبها دعوات النساء. تقوم العريس بإعداد الخلة عند الاتفاق على يوم الزفاف وتسمى الفرشة. والخلة هي الحجرة المعدة للزواج ويقضي العروسان ليلة الدخلة وتزين الغرفة بقطع الخام والمرايا الملونة.
2- عادات وتقاليد ليلة الحناء في قطر:
في هذه الليلة يقام احتفال تدعي له النساء من الأسرتين وبعض الأقارب والعروس تغطي نفسها بملابس خضراء تستر كل جسمها عدا الكفين والقدمين وتكون جاهزة للحناء، والفتيات والنسوة تشارك العروس في التزيين ويصاحب الاحتفال عادة ضرب الدفوف وتوزيع المشروبات، أما المعرس فيوجه الدعوة لأقربائه ويلتقي بهم في منزل قبل صلاة العشاء بعد قيامه بدعوة أحدي فرق (الرزيف) الرجالية حسب ظروفه وامكانياته ويتحرك الموكب يتقدمهم المعرس لبيت العروسة مشيا على الأقدام ويزف من الفرقة حتى يصلوا لبيت العروس وتذبح الذبائح وتوزع العيش مع اللحم على الأهل والجيران.
وكانت عملية اختيار الزوجة أو الزوج تقع على عاتق الأبوين دون أخذ رأي الولد أو البنت وكان الزواج من داخل الأسرة ويرتبط الولد والبند منذ لحظة الميلاد ويسمى ذلك "التحيير"، وفي الوقت الحالي يوجد الزواج من بنات العمومة وعن طريق الأهل والمعارف وهو منتشر بواسطة "خطابة" مقابل أجر مالي وبعض الشباب يقومون باختيار شركة حياتهم دون تدخل من الاهل، وزاد المهر زيادة كبير وصلت إلى أكثر من 100 ألف ريال بالاضافة للمؤخر.
وفي الماضي كان الخطيب وخطيبته لا يرون بعضهم إلا يوم الزفاف والأن تطول فترة الخطوبة لأسباب اجبارية منها الدراسة الجامعية وبناء المسكن وقاعات العرس، وفي الوقت الحالي اختفت الدزة والعروس تختار دزتها ولا تعرضها على الناس ولاتقوم العروس بشراء الذهب الأصفر بل تقوم بشراء أطقم الذهب الملون والأبيض.
تُقدم الأكلات شعبية في قطر والتي مازالت معروفة حتى اليوم ومنها: خبز رقاق، والنخي والباجلة، الهريس، المضروبة، الزلابيا، الثريد، قرص الطابي، الساقو، المرقوقة، محمر برنيوش، عيش ولحم، البرياني، العصيدة، البلاليط، المكبوس، ومن الحلويات: اللقيمات، الخنفروش، الخبيصة، الحسو.
يتم زركشة الملابس الخاصة بالنساء والرجال وهي من المهن القديمة يقوم فيها الدرزي بزركشة الملابس يدويا بالخيوط الذهبية الملونة والفضية وتستخدم الماكينة النصف الآلية والكهربائية لضمان سرعة العمل. والازياء الشعبية تخاط ملابس النساء مثل الدراعة والثوب والبخنق (المخنق أو القبع) والعباءة والسروال والنشل وثياب الرجال مثل ثوب الشلحات والدقلة والسراويل.
في سنة 2008 قرر مجلس الوزراء تحديد شروط انتفاع القطريين والقطريات بنظام السكن وأن يكون صاحب جنسية قطرية ومضى 15 عاما على اكتسابها وأن يمنح مبلغ قرض الإسكان وأن من تسحب منه الجنسية القطرية يجب إعادة المبلغ المتبقي من قيمة القرض خلال ستة أشهر. وهناك هوس شبابي بامتلاك الأرقام المميزة سواء كانت للهواتف المحمولة أو السيارات، وأيضا يوجد نفور من الشباب من توطيد العلاقات الأسرية والعائلية فهم يفضلوا قضاء أوقات فراغهم مع أصدقائهم بدل من أفراد العائلة. تعود أصول القبائل القطرية لمنطقة نجد في المملكة العربية السعودية لهذا كانت العلاقات الاجتماعية قوية جداً بين البلدين.
الحياة الاجتماعية في قطر قبل النفط:
الحرف كانت تمثل عامل دخل مهم قبل النفط، مثل حرفة الصيد و المصدر الأساسي لحياة الإنسان الأول حيث كانت تغطي احتياجاته الأولية من الملبس والغذاء والمسكن وهذه الحرفة ومن لازم لها من مهارات فردية واجتماعية وأدوات وخبرات تم توارثها من الآباء والأجداد إلى الأبناء وهو التوارث وكما هو ظاهر من دراسة الحرفة تاريخيا هو السلم الذي استلمنا منه هذه الحرفة على هذا المستوى وبدأ بشكل بدائي ثم تطور حسب العوامل الاجتماعية والدينية والثقافية والبيئية وهو ما نلاحظه من خلال الحرف الموجودة اليوم.
كانت الحرف تشكل للمجتمع القطري قوام الحياة والعصب والعامل الأساسي من عوامل بقاء المجتمعات وكانت شرطا بدونه لا تتم الحياة للإنسان لأن الحرفة كانت تمثل الملبس والمأكل والمسكن الذي ليس للإنسان غنى عنهما بجانب أنها تمثل المكانة الاجتماعية والعائلية والقبلية وبها تقاس وجاهة الفرد. يربط التطور والحرفة بالحاجة الملحة لبقاء المجتمعات من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لأن المجتمعات القادرة على إنتاج احتياجات الإنسان الأساسية للاستهلاك الذاتي هي القادرة على البقاء وغيرها زائل لا محالة.
الحرف البحرية القديمة في قطر:
1- صناعة السفن قديما في قطر:
انتشرت صناعة السفن (القلاف) منذ القدم في منطقة الخليج قطر، لكنها ومع مرحلة اكتشاف البترول شهدت تراجعاً ملحوظاً. صناعة الأخشاب كانت تعتمد على الأخشاب المستوردة من الهند من أنواع الساج والصنوبر المقاوم للرطوبة وأنواع خاصة من المسامير وفتيل القطن وبعض الزيوت المستخرجة من جوف أسماك الدلفين لتكون عازلا مائيا للسفينة. وأدوات النجارة المستخدمة في صناعة السفن من أهمها المقدح والمنشار والقدوم وسمي صانعها القلاف. ومن أنواع السفن التقليدية البتيل وأيضاً الجالبوت. وفي قطر اليوم توجد ورشة واحدة لصناعة السفن التقليدية وهي ورشة السفن الأميرية.
2- الصيد:
منذ القدم البحر له حضور بارز في الحياة اليومية للمواطن القطري ساعده في ذلك موقع البلد الجغرافي كشبه جزيرة؛ وصيد السمك من الحرف القديمة التي مارسها سكان السواح. ووفرت للإنسان مصدراً للرزق والغذاء قبل فترة النفط. إصلاح وصناعة شباك صيد السمك وكانت للصيد طرق مختلفة منها المسكر والحضرة. طور الإنسان في الخليج، وفي قطر أسلوب الصيد. واستخدم أدوات جديدة لصيد الأنواع المحددة من السمك أهمها الصافي. أعتمد الصيد بهذه الطريقة على حركة الجزر والمد، ويتم صيد السمك عند الجزر من المسكر بواسطة النيرة وهي قضيب حديدي مدبب من الأسفل أو الساحلة وهي شبك مثبت بخشبتين من الجانبين.
3- الغوص على اللؤلؤ قديما في قطر:
الغوص كان مصدر رئيسي للدخل في الخليج وعرف الإنسان الغوص من أجل اللؤلؤ في المنطقة منذ فترة طويلة والغوص كان مصدر الدخل الرئيس في الخليج في حقبة ما قبل النفط والغوص كان يتم خلال موسمين هما: الغوص الكبير (العود) ومدته زهاء شهرين، والثاني الغوص الصغير (الخانجية) ويستمر أربعين يوماً، وكلا الموسمين كانا يتمان في الفترة من يونيو لسبتمبر. أما بعد اكتشاف النفط في الثلاثينيات تحول الناس للعمل في حقول النفط لما له من الربح الوفير والراحة بدلا من مخاطر ومشقة الغوص.
الحرف اليدوية قديما في قطر:
1- صناعة السدو في قطر:
نسج السدو تراث بدوي أصيل تعد حرفة النسج وحياكة الصوف من الحرف التقليدية التي كانت منتشرة في البادية وما تزال إلى يومنا هذا وذلك لارتباطها بوفرة المادة الأولية المتمثلة في صوف الأغنام ووبر الجمال وشعر الماعز والقطن. كانت صناعة السدو وما تزال تعتمد على جهد المرأة أولاً. ولم تختفي هذه الحرفة خلاف حرف أخرى لم تعد موجودة بفعل تبدل احتياجات الناس في حقبة ما بعد النفط. ومن ادواتها المستخدمة حتى اليوم كالمغزل والنول (الميشع) والمنشزة (المدرارة)، ومن منتجات السدو بيت الشعر والقاطع (الرواق) والعدول والسقايف (البطاين) والمزاود.
2- صياغة الذهب في قطر:
سوق الذهب تعتبر صياغة الذهب والمجوهرات والأحجار الكريمة من الصناعات القديمة في قطر، والمصهر وهو المكان الذي يصهر فيه الذهب. يتم إنتاج الخواتم وهي نوعان لأصابع اليد ولأصابع القدم.
3- حرفة فن التطريز:
الأزياء الشعبية هي زركشة الملابس التقليدية الخاصة بالنساء والرجال. وهي من مهن المنطقة القديمة ويقوم "الدرزي" بزركشة أو "تطريز" الملابس يدوياً بالخيوط الملونة والذهبية والفضية. وملابس النساء يتم خياطتها مثل الدراعة والبخنق (المخنق أو القبع) والثوب والسروال والعباءة والنشل بأنواعه وثياب الرجال مثل ثوب الشلحات والدقلة والسراويل.
4- الزخرفة الجصية:
الزخرفة الجصية موجودة في معظم البيوت القديمة، وكان الجص (الجبس) يصنع محليا ويستخدم لكساء جدران القلاع والبيوت والقصور والأبراج والمساجد من الداخل والخارج بدلا من الطين لقدرته على تحمل عوامل المناخ والطبيعة. يستعمل الجبس أيضا في صناعة القوالب التي تنقش عليها الزخارف الهند سية والنباتية المجردة التي كانت تزين العديد من البيوت التقليدية في قطر. والقطريون كانوا يصنعون من الجص المباخر التي ما زال الناس يقبلون على اقتنائها لتزيين منازلهم.
الفن المعماري القطري القديم:
ضمت العمارة التقليدية بقطر عدة نماذج منها العمارة الدينية كالمساجد، والعمارة المدنية كالقصور والدور والأسواق، والعمارة العسكرية كالقلاع والأبراج والأسوار. وقد أثرت تضاريس البلاد ومناخها في المعمار المحلي إذ أملت علي مادة البناء من الحجارة غير المهذبة التي كانت تقطع من فوق سطح الأرض أو من ساحل البحر، وذلك لبناء المداميك باستخدام الطين كملاط لصف الحجارة فوق بعضها، أو لتغطية أسطح الجدران الخارجية والداخلية والسقوف العلوية.
كان الطوب النيئ يستخدم إذا لم تتوفر الحجارة في عملية البناء. استطاع المعماريون القطريون مع مرور الوقت تطوير أساليب وأدوات البناء ومواده وأدخلوا عليها بعض التعديلات، إذ حلت مادة الجبس محل الطين في تغطية الجدران والخشب المستعمل في سقوف المنازل كخشب المربع وغيره. خشب التيك المنحوت على مداخل البيوت كانت الأسقف تبدو أفقية مستوية مع إيجاد مساحات مظللة تتقدم الدور والمساجد وتشرف على "الحيشان" مباشرة بغرض تلطيف درجة الحرارة.
ونظراً لشدة أشعة الشمس، جُعلت النوافذ ضيقة نسبياً بالقياس لمساحات الحيطان الخارجية وتكون في العادة مستطيلة الشكل وتطل على حوش البيت، أما في المجلس والحجرة العلوية فنجد فتحات النوافذ تطل على حوش البيت والشارع أيضاً، بالإضافة إلى فتحات تهوية وإضاءة أخرى هي ( البادجير) التي نجدها غالبا في المجالس والحجرات العلوية ولا نجدها في الحجرات السفلية.
هواية تربية الصقور في قطر:
تعتبر تربية الصقور في قطر من أهم الهوايات التي يمارسها القطريون، وهي الهواية الأولى التي ولع بها الآباء قبل الأبناء لأنها تغرس في النفس قيم الفروسية وتعلم الصبر والشجاعة وفنون المناورة والجد. وتمارس هواية الصيد بالصقور في فصل الشتاء وهي تنقسم لصيد الصقور وتربيتها وإعدادها، وأبناء المنطقة اعتادوا على صيد الصقور الجارحة بطريقة تضمن سلامتها. يختلف صيد الصقور من منطقة إلى أخرى بحسب خبرة كل صياد، أما التدريب والتربية فالصيادون يتكفلون بها ولهم عدة طرق في ذلك منها الملواح أي التلويح بفريسة وهمية مربوطة بخيط يوجه إليها الصقر لافتراسها أو بواسطة حمامة تشد إلى خيط وتطلق في الهواء. ومن أهم أدوات الصيد في قطر البرقع الذي يغطى به وجه الصقر، و"السبوق" أي رباط الرجلين، والمنقلة أي الذراع الذي يحمل عليه الصقر على يد مدربه، والمخلاة التي توضع فيها الفريسة والأدوات المطلوبة.
الخاتمة:
حدثت طفرة كبيرة في اقتصاد قطر بعد اكتشاف البترول وتطورت البلاد ونهضت نهضة كبيرة وأصبحت قطر بعد اكتشاف أكبر حقل بحري في العالم للغاز تحتل المرتبة الثانية بين دولة العالم من حيث احتياطي الغاز الطبيعي وتم استثمار الموارد لتطوير المرافق والخدمات بالدولة.
المراجع:
1. محمد شريف الشيباني- إمارة قطر العربية بين الماضي و الحاضر - سنة 1961 لبنان.
2. مراد مصطفى الدباغ - إمارة قطر حاضرها وماضيها - سنة 1961م- لبنان.