خطة بحث علاقة علم الاجتماع بالعلوم الأخرى
إن علم الاجتماع هو الدراسة المنهجية للسلوك الإنساني، وللجماعات التي ننتمي إليها، وللمجتمعات التي يعيش فيها الناس ويبدعون ويمضون حياتهم. ولا ينفرد الناس بالعيش داخل جماعات يرتبط فيها بعضهم بالبعض ويمضون حياتهم. ولا ينفرد الناس بالعيش داخل جماعات يرتبط فيها بعضهم بالبعض الآخر، وإنما تشاركهم في ذلك مخلوقات أخرى كالنحل والنمل وأنواع من الحيوانات والطيور. ولكن الله سبحانه وتعالى أنعم على الانسان وحده، وميزه بميزة خاصة، وهي القدرة على تصور العديد، والعديد جداً من الاستجابات لمشكلات البقاء، وإيجاد القواعد التي تحكم سلوك الناس وتصرفاتهم، وبناء الصور المعقدة المتعلقة بالحياة الاجتماعية. وما أن تستقر وتتوطد هذه الاسس والقواعد والصور، وتأخذ مكانها في مجريات على العمل. فهو إذن، قد افترض ان صحتهم النفسية كانت السبب وراء حالة الفقر التي يعيشونها والبطالة التي يعانون منها.
اهتمامات علم الاجتماع:
أما علم الاجتماع، فيفترض العكس حيث يفترض أن البطالة هي التي تسببت في حالة الاكتئاب النفسي. فالرجال الذين لا يستطيعون القيام بوظيفتهم في اعالة اسرهم وهو عمل يعد مسئولية الرجال بالدرجة الأولى سوف ينظرون الى البطالة كظاهرة جردتهم من قيمتهم وأهميتهم، ومن ثم تظهر لديهم أعراض الاكتئاب النفسي، (بل ربما ظهر لديهم الغضب ايضاً) وعلى ذلك، يرى عالم الاجتماع أن العلاج لا يوجد في المصحات النفسية، ولكنه يكمن في إتاحة وتوفير مزيد من فرص العمل للذكور من جماعات الأقليات.
تعريف علم الاجتماع:
علم الاجتماع هو دراسة وصفية تحليلية تفسيرية للحياة الاجتماعية والعمران البشري في المجتمعات الانسانية. ومعنى ذلك أن الاجتماع كعلم لا يقف عند حد الوصف والتحليل لنواحي الحياة الاجتماعية. بل يشمل أيضاً تفسير هذه الحياة وتعليلها تعليلاً واضحاً طبقاً لقواعد ثابتة وقوانين محدودة. أما العمران البشري فيقصد به نوع الحياة الاجتماعية ومستواها سواء كان هذا المستوى متقدماً أو متأخراً. فالعمران أدق من الحضارة أو المدنية من حيث أنه يدل على جميع درجات الحياة الاجتماعية، فقد لا يكون في المجتمع الصحراوي حضارة ولا مدنية ولكن فيه عمراناً متأخراً تماماً. كما نتلكم عن الحرارة في الطبيعة فقد تنخفض درجة الحرارة حتى تصل إلى البرودة ومع ذلك نقول درجة الحرارة تحت الصفر. كذلك العمران البشري فقد توجد مجتمعات قلت فيها مظاهر العمران كما هي الحال في المناطق الصحراوية والجليدية ومع ذلك نقول أن أن فيها عمراناً ونقصد بذلك أنه عمران تحت الصفر أي وصل إلى درجة التأخر والجمود.
العناصر الأساسية التي يتضمنها تعريف علم الاجتماع:
إن علم الاجتماع هو علم دراسة السلوك الإنساني، علم دراسة التفاعل الانساني المتبادل، علم دراسة النظام الاجتماعي، علم دراسة البناء الاجتماعي، علم دراسة الأنماط الاجتماعية أو الظواهر الاجتماعية، علم دراسة الاعتماد الانساني المتبادل، وكذلك علم دراسة المجتمع الانساني في استقراره وحركته.
إن الاختلاف والتباين هو ما نستطيع ان نلاحظه للوهلة الأولى، من خلال الاحاطة السريعة بهذه التعريفات، وهنا نعود إلى التساؤل الذي أثير حول أسباب التباين هذه. يمكننا ببساطة أن نطرح تفسيراً لهذا التباين يستند إلى بعدين أساسيين أو سببين أساسيين، أما السبب الأول فربما يتمثل في الموقف النظري أو الفكري الذي ينطلق منه التعريف ذاته ذلك لأن علم الاجتماع شأنه شأن العلوم الاجتماعية الأخرى لا يستند إلى موقف نظري موحد يجمع عليه كافة المشتغلين به وانما هو يستند الى مواقف نظرية وفكرية متعددة تتفاوت في تقاربها أو تباعدها. ونعني بهذه المواقف، النظرية التي يتبناها عالم أو متخصص ما، ذلك لأن علم الاجتماع يرتبط أشد الارتباط بالواقع الاجتماعي بوصفه موضوع دراسته.
إن علماء الاجتماع هم جزء من هذا الواقع الاجتماعي ومن ثم فإن أوضاعهم الاجتماعية واتجاهاتهم الفكرية والفلسفية والسياسية وانتماءاتهم الطبقية تسهم إلى حد بعيد في تباين المواقف النظرية التي ينطلقون منها أو الرؤى النظرية التي يستلهمونها في دراستهم للمجتمع وهذه هي مشكلة القيم في العلوم الاجتماعية بشكل عام والعلماء الاجتماعيين لا يختلفون في ذلك عن رجل الشارع العادي فمثلاً المشاة الذين لا يملكون سيارات قد يرون أن أمة المرور ترجع على تكدس الشارع بالسيارات وعدم مراعاة مالكيها لقواعد المرور بينما قد يرى أصحاب السيارات في تشخيصهم للمشكلة غير ذلك وقد يحملون المشاة عبء الأزمة وهكذا.
علاقة علم الاجتماع بالعلوم الاخرى:
إذا كان علم الاجتماع شاسعاً بهذا الشكل ويشتمل على عدد كبير من الفروع فما الفرق إذن بين فروع هذا العلم وبين العلوم الاجتماعية أو الإنسانية الأخرى؟ وما هي الحدود مثلاً بين علم الاقتصاد وعلم الاجتماع الاقتصادي، أو دراسة القانون والاجتماع القانوني، أو العلوم اللغوية وعلم الاجتماع اللغوي؟
علم الاجتماع يدرس هذه الظواهر من ناحية اتصالها لا مجتمع أي من حيث هي نظم اجتماعية وجدت في بيئة لها تضاريس معينة ومناخ خاص بها ونوع من الثقافة يختلف قليلاً أو كثيراً عن أنواع الثقافات الأخرى التي تختلف عما عداها من البيئات، ويدرس التأثير المتبادل بين هذه النظم، ثم هو يستنتج بعد ذلك القوانين العامة التي تخضع لها، وذلك على غرار العلوم الطبيعية: فرجل القانون يدرس مثلاً القوانين التي تخضع لها الحياة الاجتماعية في المجتمع من مدنية وتجارية وجنائية ودولية وطرق التقاضي، فهو يدرس القوانين الوضعية الجارية في المجتمع في تفاصيلها.
علاقة علم الاجتماع بالقانون:
أما علم الاجتماع القانوني فيدرس تأثر النظم القانونية بالنظم الاجتماعية المختلفة وأثرها فيها، وكذلك تطور النظم القانونية في المجتمع والعوامل الاجتماعية التي أدت إلى هذا التطور وهو لا يدخل في تفاصيل هذه القوانين إلا بالقدر الذي يتطلبه فهم المبادئ العامة التي يقوم عليها النظام القانوني في المجتمع، ثم هو بعد ذلك يربط بين المبادئ الهامة التي تقوم عليها النظم العائلية والاقتصادية والسياسية ويدرس التأثير المتبادل بين هذه النظم والنظام القانوني.
علاقة علم الاجتماع بالاقتصاد:
وكذلك الشأن في رسم الحدود بين الاقتصاد والاجتماع الاقتصادي، فعالم الاقتصاد يدرس الوسائل المؤدية الى زيادة الثروة في المجتمع وما يتصل بذلك من انتاج الثروة وتداولها وتوزيعها واستهلاكها، ولكن عالم الاجتماع يدرس النظام الاقتصادي في جملته، نشأته وتطوره وأثره على النظم الاجتماعية الأخرى وتأثره بها فمثلاً لوحظ ارتباط نظم عائلية وسياسية معينة بنظم خاصة.
علاقة علم الاجتماع بالعلوم الدينية:
وكذلك نجد أن علوم الدين تدرس الشريعة وأصولها ومصادرها وأحكامها والتفسيرات المختلفة لها.. الخ، ولكن الاجتماع الديني يدرس النظم الدينية المختلفة وعلاقتها بالأوساط الاجتماعية التي نشأت فيها وأثر النظم الدينية على النظم الاجتماعية الأخرى وتأثرها بها.. الخ وكذلك الحال في رسم الحدود بين علوم اللغة التي تدرس قواعد اللغة وألفاظها وفقهها وعلم الاجتماع اللغوي الذي يبين تأثر اللغة بالنظم الاجتماعية الأخرى وتأثر هذه النظم بالغة وآدابها، فاللغة قد تكون أداة لتوحيد عدة مجتمعات من الناحية السياسية والقومية.
الخاتمة:
ليس ثمة شك في أن غير المتخصصين في علم الاجتماع وكذلك الذين يبدون اهتماماً ما بالقضايا الاجتماعية لديهم فكرة قد تتباين في درجة وضوحها أو غموضها عن هذا العلم لكن قد يكون من الصعوبة عليهم بمكان أن يقدموا اجابة كافية عن التساؤل المطروح ما علم الاجتماع، وليس من شك في أن هذه الدعوى تنطبق، ربما بصورة أكثر وضوحاً على المبتدئين في دراسة هذا العلم. وربما اعتقد هؤلاء وأولئك أن اجابة حاسمة يمكن أن يقدمها المتخصصون بسهولة، وربما لم يدر بخلدهم أن تعريف علم الاجتماع هو الاشكال الأول الذي يواجه حتى المتخصصين أنفسهم فلو اننا أجرينا تجربة معمقة مفادها أن نوجه هذا السؤال الى خمسة من أساتذة علم الاجتماع فإن دهشتنا قد تكون بالغة لتعدد وربما تباين واختلاف الاجابة، ولو أننا استعرضنا مجموعة من التعريفات المطروحة في المؤلفات المدرسة أو المداخل الأساسية لهذا التعلم فإننا سنواجه نفس الظاهرة أيضا التعدد والتباين وربما الاختلاف منذ البداية في تعريف علم الاجتماع.
المراجع:
1- بيث هث. وآخرون – علم الاجتماع – دار المريخ للنشر – الرياض.
2- د/ حسن شحاته سعفان – اسس علم الاجتماع – دار النهضة العربية القاهرة – الطبعة الثامنة – 1971
3- د/ محمود عودة – أسس علم الاجتماع – دار النهضة العربية للطباعة والنشر – بيروت.
4- د/ مصطفى فهمي. وآخرون – مبادئ علم الاجتماع – مكتبة النهضة المصرية – القاهرة – الطبعة الأولى - 1954