يناقش ذلك البحث موضوع التنمية المستدامة وما يعترضها من معوقات ومشكلات تمثل تحديات كبرى في الدول النامية خاصة أنها كانت ذريعة للاستحواذ على اهتمام العالم حيث ساهمت في إحداث نقلة نوعية في مفهوم العلاقة بين التنمية من جهة والاعتبارات البيئية والاقتصادية من جهة أخرى، كاستجابة طبيعية لتنامي حركة الاقتصاد في العالم. وقد ساهمت ظاهرة العولمة النيوليبرالية والسعي الدائم لتحقيق التنمية المستدامة في إحداث طفرة في العالم وظهور كيانات اقتصادية عملاقة تحكمت في اقتصاد الدول النامية ولكن تلك التغيرات الخطيرة كانت لها تبعات تشمل مجموعة من المعوقات والتحديات التي واجهت التنمية المستدامة في دول العالم عامة وفي العالم النامي خاصة بحيث شملت تأثير على زيادة الفقر والاستعباد والأزمات المالية والديون وارتفاع وفيات الأطفال وانتشار الفساد المؤسسي ولذلك يحاول هذا البحث استطلاع تلك الآثار السلبية وانعكاساتها على العالم النامي، إضافة للتعرف على المفاهيم المتعلقة بالتنمية المستدامة والعولمة النيوليبرالية والعالم الثالث.
المقدمة:
إن ما يشهده العالم من حركات النمو السريع والتطور الاقتصادي والتكنولوجي كان ولا زال من العوامل التي ساهمت في تحقيق طفرة في العالم ولكن الأثر الذي نتج عن تلك الحركات لم يكن مسالماً ولكنه اتصف بأنه غير متوازن ونتج عنه تطورات غير منضبطة أدت إلى تنامي سلسلة من المشكلات ذات الطابع البيئي، والمعوقات التي كانت ناتجة عن محاولات التنمية المستدامة وظاهرة العولمة الجديدة حيث أضحت قضايا التدهور البيئي ذات الضغوطات الإنسانية على البيئة بما تسببه من فقر وبطالة وارتفاع في الوفيات تمثل واقعاً مؤلماً يلازم الحياة العصرية الحديثة. ولا يمكن أن ينفصل هذا الواقع وتلك المعوقات عن العولمة والحداثة وما أحدثته التقنيات المتطورة من أضرار على البيئة والبشر بحيث لم تعد حالة ذات صبغة محلية محدودة، ولكن الأمر تطور ليصبح دولياً وظاهرة عالمية. وبسبب زيادة تلك المعوقات وتأثيرها السلبي على العالم الثالث ظهرت حاجة ماسّة لدراسة تلك التحديات ومحاولة وضع سياسات واستراتيجيات لمحاربتها عبر ترشيد التعامل الإنساني مع البيئة ومعطياتها وتحقيق فعلي لمبادئ التنمية المستدامة بشكل لا يتعارض مع البيئة ومتطلبات الإنسان وصحته. ومن خلال البحث التالي سوف نحاول دراسة المفاهيم المتعلقة بالتنمية المستدامة وما يتصل بها من ظواهر العولمة الليبرالية والمعوقات المتمثلة في انتشار الفقر والبطالة والفساد والديون، وذلك عبر الاستعانة بمراجع علمية موثقة داخل البحث وفي قائمة المراجع النهائية.
مفهوم التنمية المستدامة:
إن التنمية المستدامة من المفاهيم التي اختلف الباحثون على تكوينها وعناصرها ووضعوا لها العديد من التعريفات ولكن قبل أن نخوض في تعريف التنمية المستدامة نشير إلى تعريف التنمية وهي:
1 - "إحداث نوع من التغيير في المجتمع الذي تتوجه إليه، بحيث يكون هذا التغيير مادياً يسعى إلى رفع المستوى الاقتصادي والتكنولوجي للمجتمع، أو قد يكون معنوياً يستهدف تغيير اتجاهات الناس وتقاليدهم وميولهم، فالأمر إذن يكون محدد بالزمان والمكان، والتنمية في مختلف أشكالها وتصوراتها تستهدف أبعاداً مفتوحة تقود نحو تغيير السياسات والممارسات والمواقف". وعبر هذا التعريف يمكن أن يتضح مفهوم التنمية المستدامة الذي يعد مصطلح عالمي يحدد مسؤوليات دولية تخص قضايا البيئة باختلافاتها.
ويشمل مفهوم التنمية المستدامة العديد من التعريفات التي اجتهدت العديد من المنظمات والباحثون في صياغتها وهي كالتالي:
2 - “التنمية المستدامة هي كافة الأنماط التنموية من تنمية اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية وبيئية بحيث تصب كلها في قالب حماية الفرد والبيئة والنهوض بالموارد بشكل يركز على حق الأجيال القادمة في التمتع بالموارد الطبيعية ".
3 - ويمكن أيضاً أن نعرفها بأنها “تحديد طرق حماية الفرد ومجتمعه وإيجاد نظام عادل لتوزيع الموارد بالشكل الأمثل الذي يضمن رضا الفرد عن نصيبه وفي الوقت ذاته الحفاظ على مخزون للأجيال القادمة ".
4 - ويمكن أن تمثل التنمية المستدامة “تحقيق قدر من توفير الطاقة وعدم الإهدار بشكل يوفر فرص العمل ويحسن مستويات المعيشة وذلك بتغيير أشكال الإنتاج والاستهلاك والتي تهدر الموارد وتلوث البيئة وتوفير المصادر البديلة للطاقة ".
5 - وأخيراً نستطيع القول أن التنمية المستدامة مصطلح عالمي يحدد “مسؤوليات دولية تخص قضايا البيئة باختلافاتها وذلك عن طريق حصر الدول التي لا تحقق التنمية المستدامة بل تتسبب في تدمير وتلويث متعمد للبيئة إضافة إلى فرض العقوبات الدولية على تلك الدول وعمل اتفاقات عالمية في إطار المحافظة على البيئة ".
لماذا سميت العالم الثالث "الدول النامية" بهذا الاسم:
إن أول من استخدم مفهوم وعبارة دول العالم الثالث هو الباحث الاقتصادي والاجتماعي الفرنسي أبالفرد سوفي في عام 1952 م، حيث اعتمد في صياغة مفهومه على تشابه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بدول العالم الثالث بأوضاع فرنسا من قبل اندلاع الثورة الفرنسية.
أما بالنسبة لتعريف الدول النامية فهي تلك الدول التي تشغل وضع اقتصادي أولي من ناحية أنها لم تبدأ بعد من الوصول إلى مراحل الإنتاج الرأسمالي الأولى أو المتأخرة فالدول النامية المتخلفة أو الفقيرة وفقاً لبعض المسميات هي التي لا تقع في العالم تحت لواء معسكر محدد لكنها موضع تجاذب بين العالمين الأول والثاني إذ يحاول كل منهما جذب هذا العالم أو القسم الأكبر منه إلى مجاله ".
خصائص الدول النامية:
أولا الجانب الاجتماعي:
تميل الدول النامية ديمغرافياً نحو ارتفاع كبير في نسبة الخصوبة في مقابل انخفاض في الإمكانيات الطبية وضعف المستوى المعيشي وانتشار الأمية والهجرة بشكل مكثف لللبادية وللخارج.
ثانيا الجانب الاقتصادي:
كذلك فإن الدول النامية تقوم بشكل دائم وعشوائي بتصدير المواد الأولية ولا تستطيع تحقيق الاكتفاء الذاتي في المواد الاستهلاكية بسبب ضعف الاستثمارات الصناعية لديها والغياب الكامل للتوازن والتكامل بين القطاعات الاقتصادية، إضافة إلى ارتفاع المديونية الخارجية لها وتبعيتها الاقتصادية بشكل كامل للدول الاستعمارية.
معوقات التنمية الاقتصادية في الدول النامية:
أولا العولمة النيوليبرالية:
العولمة هي عبارة عن ظاهرة عالمية تعبر عن الانتقال السريع للأفراد والأموال والأفكار بصورة مكثفة عبر العالم، مما يعنى مضاعفة الاتصالات والعلاقات في كافة مجالات الاقتصاد والثقافة والاتصال بسرعة عبر الكرة الأرضية بأسرها، وتتجاوز الحدود السياسية بين الدول بشكل يخلق حالة من التشابك والتواصل العالمي الذي يسعى إلى إذابة الحدود والقيود. وبالرغم من أن العولمة بدأت بالأساس في المجال الاقتصادي إلا أنها تخطت ذلك للحدود الاجتماعية والثقافية بشكل ساهم في تغيير أسلوب الحياة وأصبحت كافة العلاقات الاقتصادية والمالية تجرى في سوق عالمية مفتوحة بلا حدود خاصة مع وجود شبكة الإنترنت التي سهلت ذلك بشكل غير مسبوق، ورغم أن ثورة الاتصالات خلقت ضغوطا على المجتمع الدولي للتدخل في الصراعات الإقليمية والداخلية العنيفة، إلا أن هذا التدخل كان يتم بما يتوافق مع مصالحها القومية وبشكل يتعارض مع مصالح الدول النامية. وقد كانت بدايات العولمة النيوليبرالية في 15 أغسطس 1971، حينما قام الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون بإعلان وقف عملية مبادلة الدولار بالذهب لتنهار مع هذا القرار اتفاقيات بريتون وودز التي تم توقيعها في عام 1944م، وكانت تلك البداية للرأسمالية الجديدة التي تمتعت فيها الولايات المتحدة الأمريكية بحرية الإصدار النقدي وسمحت بكسر كل القواعد في الأسواق النقدية والمالية لتكون تلك هي البداية التأسيسية للعولمة الحرة، وكان هذا القرار تمهيد لظهور عقيدة اقتصادية جديدة من ظهور للشركات متعددة الجنسيات والمنظمات التمويلية العالمية المتحكمة في اقتصاديات العالم بما تفرضه من تقليص للميزانيات والإعفاءات الضريبية وخفض الإنفاق الحكومي وتحرير التجارة الذي يمثل أساليب صارمة تفرض على شعوب العالم الثالث الأضعف اقتصادياً. وكانت أبرز نتائج عولمة النموذج النيوليبرالي هو الحد من استقلال الحكومات القومية المنتخبة ديموقراطياً وغياب حق الشعوب في اختيار ما يناسبها، ذلك بخلاف ما تم دفعه من تكلفة اجتماعية باهظة للشعوب النامية من خفض الإنفاق على التعليم والصحة واستغلال الأطفال في العمل وانتشار الفقر.
ثانيا انعدام الأمن:
إن العالم النامي قد شهد في العقود الأخيرة من القرن العشرين غياب الديمقراطيّة وحقوق الإنسان، وانتشار النزاع المسلح وأسلحة الدمار الشامل ونمو تيارات العنف والإرهاب والجريمة المنظمة، والإتجار بالمخدّرات، وانتشار سوق السلاح حيث ما وهو ما أصبح ظاهرة عالمية ترافقت مع ظواهر العنف والجريمة المنظّمة والتي استفادت من معطيات العولمة التكنولوجية لتنظيم أساليب العمل والأهداف مع إيجاد بؤر عالمية في ظل تدهور الأوضاع الاجتماعية واتساع دائرة الفقر وانحدار القيم الاجتماعية وطغيان العولمة المادية وتفاقم النزاعات الأهلية حيث بات الإرهاب تهديد فعلي للعالم النامي عبر الميليشيات الطائفية والدينية، لذلك يمثل هذا الوضع مهدد لتحقيق التنمية المستدامة وعتبة للدخول في صراعات فتاكة تبيد العالم النامي وتسهل السيطرة عليه واستعباده.
ثالثا انتشار الفقر والاستعباد:
إن دول العالم النامي في العصر الحالي أصبحت تقع في منزلة تنتمي إلى الفقر الشديد بما ساهمت العولمة والحداثة به من آثار سلبية جعلتها تقع تحت مفرمة الفقر الشديد بشكل أخلّ بالتوازن وساهم في ظهور العديد من المشكلات وحدوث التوتر على مستوى العالم. لذلك فإن نظرة عامة وشاملة إلى هذا العالم النامي تؤكد على أن هناك كارثة إنسانية كبرى توشك على الوقوع، فلم تعد المسألة قاصرة على ازدياد أعداد الفقراء بل العالم انتشار الأمراض والديون، والظلم والاستبداد. والخطير أنه يوجد ما يقرب من مليار ونصف المليار من سكان البلدان النامية يقل دخل الفرد فيها عن دولار واحد يومياً، وهناك سببان رئيسيان وراء ذلك أولهما: النقص في المعونات القادمة من الدول الغنية، وثانيهما: عدم بذل أي مجهود من قبل حكومات البلدان الفقيرة لمحاربة الفقر والعوز. والغريب كذلك أن الغنى الفاحش الناتج عن التنمية والعولمة الذي تشهده بعض دول العالم يصل إلى حد إصدار الأمم المتحدة تقرير حول التنمية البشرية يفيد بأن أغنى دول العالم يوجد فيها أكثر من 100 مليون شخص دخلهم تحت خط الفقر، و37 مليوناً على الأقل عاطلين عن العمل، و100 مليون بلا مأوى. لذلك فإن الفقر سيظل أكبر معوق يواجه البشرية خاصة أن الاحتكار للثروات من قبل تلك الدول العظمى كان سبب رئيسي في تدهور حالة الشعوب النامية بشكل مخيف أدى لتعرضها للاستعباد والتحكم في اقتصاداتها من قبل تلك الدول التي على النقيض ينعم البشر من شعوبها بالرفاهية ولا تفكر حكوماتهم حتى في مساعدة من يطولهم الفقر لأن العولمة النيوليبرالية والحداثة في عالم اليوم لا تعترف بتلك المبادئ الإنسانية.
رابعا انعدام المساواة داخل المجتمعات:
إن العالم النامي يعاني مشكلة خطيرة في المساواة بين فئاته تتلخص في أن الغالبية العظمى من الأسر المعيشية في البلدان النامية – أكثر من 75 في المائة من السكان – في مجتمعات يزيد فيها التباين في توزيع الدخل عما كان عليه في التسعينات، وذلك يؤثر في انخفاض جهود خفض حدة الفقر، ونوعية العلاقات في الحياة العامة والحياة السياسية، وشعور الأفراد بتحقق أهدافهم وقيمتهم، ولن يكون في الوسع مواجهة التباين بفعالية لذلك أقر المسؤولون عن رسم السياسات في تلك الدول أن العالم النامي يعاني من انعدام للمساواة يعيق التنمية المستدامة بشكل خطير.
خامسا انتشار الأزمات المالية:
إن دول العالم النامي بما تعانيه من نقص في الأموال والاستثمارات تجعلها تعاني ضعف اقتصادي يؤثر عليها ويجعلها في أزمة مالية طاحنة ولذلك فإن الانتباه من جانب حكومات تلك الدول لوضعها المالي يساهم في تحسين اقتصادها وجعلها قادرة على مواجهة الأزمات الاقتصادية والتغلب على المعوقات وبالتالي القدرة على تنفيذ سياسات التنمية المستدامة.
سادسا نقص التعليم والرعاية الصحية والمياه النظيفة:
إن مجال الصحة والتعليم في دول العالم النامي مما لاشك فيه في تراجع عما كان عليه الوضع في البلدان نفسها قبل عشر سنوات فهناك الكثير من الأمراض التي كانت تفتك بالبشرية، مثل الطاعون والكوليرا والجدري والسل والتي عادت فيها من جديد إضافة لفقر في نظم التعليم وتسلل للأطفال منه وانتشار الأمية وذلك أمر خطير ينذر بكوارث إنسانية في تلك البلاد.
سابعا انتشار الديون وعدم المساعدة من الدول الغنية:
إن ظهور أزمة الديون في العالم الثالث في السنوات الأخيرة، ليست بالأمر الجديد حيث شهد النظام المالي الدولي، في الثلاثينيات من هذا القرن، أزمة عامة للديون الدولية، تميزت بالعديد من عيوب الدفع. وترجع الأزمة إلى موقف المصارف تجاه بلدان العالم الثالث التي تتسبب في أزمة الديون الناجمة عن سياسة اقتراض مفرطة من جانب بلدان العالم الثالث. ولا تزال تدفع دول العالم الثالث ثمن اللجوء إلى الاستدانة بسبب سوء توزيع الدخول، واتباع أنماط استهلاكية تحاكي أنماط الاستهلاك في الدول الصناعية، وتدني الإنتاج الزراعي، وتضخم الإنتاج الصناعي. لذلك يجب أن تنتبه دول العالم الثالث إلى ما يهددها من خطر لتستطيع تحقيق التنمية المستدامة.
ثامنا الارتفاع في معدلات الوفيات بين الأطفال:
إن ارتفاع الوفيات بين الأطفال في دول العالم النامي زاد بشكل خطير وقد حذرت منظمة الصحة العالمية في تقاريرها من ارتفاع تلك المعدلات لدى دول العالم النامي والتي ترجع أسبابها العديدة إلى ضعف مستوى التعليم الطبي بها مع ضعف الإمكانيات الطبية وتوافر إمكانيات غير مطابقة للمواصفات وأيضاً ضعف الوعى الطبي للأشخاص وانتشار الأمراض والعدوى وغياب التطعيمات ويأتي ارتفاع معدل الوفيات في الدول النامية بسبب انتشار الأمراض والأوبئة المختلفة في البيئات الفقيرة، وهو ما يرجع إلى نمط الحياة الذى يتنشر فيه التدخين والسمنة والتلوث البيئي والإصابة بالعديد من الميكروبات والفيروسات. كما أن دول العالم النامي يغيب فيها نظام التأمين الصحي للمواطنين وهو ما يتسبب في رفع معدلات الوفيات في الدول النامية خاصة بين الأطفال.
تاسعا الفساد وضعف المساءلة المشاركة والإدارة المحلية:
إن المشاركة والإدارة المحلية في دول العالم النامي تعاني الكثير من الضعف وذلك لغياب معايير عديدة وانتشار الفساد وغياب معايير المساءلة وذلك بسبب ما يلي:
9.1- غياب الشفافية#
وهي من أهم خصائص التنمية المستدامة، وبدونها لا يمكن معرفة الدور الحقيقي التنموي للدولة والقدرة على تقييم إنجازاتها، وتخص الشفافية تقديم المعلومات عن المشاريع المقترحة، والاستراتيجية العامة للدولة وتحديد أهدافها ومستويات التحقيق.
9.2- غياب المسؤولية#
إن التحديات التي تواجه دول العالم النامي سواء الخارجية أو الداخلية هي الدافع لتحقيق التنمية ولذلك نجد أن الحرص من الدولة على ترجيح الكفاءة في جميع قطاعاتها، والإحساس بالواجب الوطني يساهم في رفع التحدي في عالم غلب عليه شعار "البقاء للأقوى ".
9.3- غياب دولة القانون#
إن القانون فوق الجميع ولكن وضع الدول النامية لا يعكس ذلك بل يعكس التجاوزات وإهدار مكانة الدولة.
9.4 غياب المشاركة#
إن المشاركة الشعبية وتجسيدها هو الكفيل لتحقيق التوازن في مشاكل الدول النامية التشريعية لأن المشاركة تعبر في حقيقتها عن مدى الثقة بين المواطن وبلاده. لذلك فإن مواجهة هذ الضعف في المشاركة والإدارة يمكن علاجه بتوفير منظومة إدارية فاعلة وملتزمة بالإصلاح، فكرًا وسلوكاً من خلال تطبيق الكفاءة والتقنية وتطوير العنصر البشري وتأهيل ومتابعة الإداريين، وتطوير النظم الإدارية، بحيث تتماشى مع العصر والتحولات المجتمعية وذلك بدراسة تجارب الدول الأخرى وإدماج التكنولوجيا في النظم الإدارية، لضمان السرعة والنجاح والشفافية لتطوير أوضاع الدول النامية.
التحليل والمناقشة:
إن ما سبق عرضه من تفاصيل تلك المشكلات التي تتعرض لها دول العالم النامي تمثل مخاطر ضخمة ومعوقات للتنمية بما تضيفه من عبء اقتصادي واجتماعي على تلك الدول وما تشمله من انتشار للمخاطر والفقر والفساد ولذلك من الضروري أن تحاول الدول النامية مكافحة ما تواجهه من مشكلات وخاصة في ظل التسارع في وتيرة الأحداث العالمية والعولمة وما تقود إليه من أزمات حادة.
الخاتمة:
يمكننا في ختام البحث التأكيد على أن العلاقات الدولية وتاريخ العالم وظهور التنمية المستدامة والعولمة أمر ينذر بالكثير من المخاطر والتحديدات التي تواجه المنطقة ودول العالم النامي تحديداً وخاصة في ظل عالم متغير وسياسات متقلبة ومفاجئة. والعالم النامي بما يعانيه من عقبات ومعوقات تشمل التأثير على شعوبها بما ينتشر فيها من فقر وغياب للعدالة والرعاية الصحية وانخفاض الدخل وارتفاع معدلات الوفيات والفساد وغيرها من مظاهر سلبية هي بالأساس من المشكلات والتحديات الخاصة بوضع تلك الدول الإقليمي ومرتبة العالم النامي المتدنية أمام دول العالم والثروات الطاغية التي جعلت مصير العالم النامي محفوف بالمخاطر. ولعل التكنولوجيا وتطوراتها وما تجدره من خطر وما أفرزته من كشف للعديد من الخبايا ساهمت في كشف نوايا الدول العظمى ورغبتهم في استمرار تلك المعوقات بشكل كبير ومؤثر على العالم النامي بما يؤثر على صناعة المستقبل وذلك في ظل العديد من التحولات وانقلاب الأوضاع. ومن المؤكد أن دول العالم النامي بما تواجهه من معوقات معرضة للاستعباد لأنها غير منتبهة لتلك الأجندات الخفية التي تدار من خلالها مؤامرات الدول العظمى ضدها وبالتالي لا تستطيع مواجهتها وإثبات قوتها لانشغالها بكم الكوارث الإنسانية التي تعاني منها.
المراجع:
1) أديب، عبد السلام (2002)، أبعاد التنمية المستدامة، الحوار المتمدن، عدد 333.
2) رزيق، كمال (2002) - التنمية المستدامة في الوطن العربي من خلال الحكم الصالح والديمقراطية- مجلة العلوم الإنسانية- السنة الثالثة- عدد 25.
3) طالبي، محمد وساحلي محمد(2009)، أهمية الطاقة المتجددة في حماية البيئة لأجل التنمية -المستدامة، مجلة الباحث، جامعة ورقلة، عدد 05، الجزائر.
4) طراف، عامر وحسنين، حياة (2012)، المسؤولية الدولية والمدنية في قضايا البيئة والتنمية المستدامة، ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت.
5) عطية، عبد القادر محمد عبد القادر (2003)، اتجاهات حديثة في التنمية، الدار الجامعية، القاهرة، جمهورية مصر العربية.
6) غنيم، عثمان محمد وأبو زلط، ماجدة أحمد(2007)، التنمية المستديمة: فلسفتها وأساليب تخطيطها وأدوات قياسها، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان.
7) قاسم،خالد مصطفى (2008)، إدارة البيئة والتنمية المستدامة في ظل العولمة المعاصرة، الدار الجامعية، الإسكندرية.
8) نصر الدين، رولا (2006)، الطاقة والبيئة والتنمية المستدامة، مجلة النفط والتعاون العربي، المجلد 32، عدد 118.